الخميس، 20 فبراير 2014

حكومة فاهيتا هش القطة

كثيرا ما كنت انظر للاسلوب الذي كانت يكتب به المؤرخون العرب كالسيوطي وابن كثير الذين تناولوا تاريخ الخلافة الاسلامية باعجاب شديد ، وفي السطور التالية سأتخيل ان واحدا منهم بُعث ليؤرخ ما صرنا اليه بعد مرور اعوام على هذا العبث الذي نعيش فيه ، ولعله سيقول :

" وذكر في الأثر ان الشباب في مصر المحروسة قد هبوا على حاكمهم الذي طال بقاءه على عرش البلد ظالما احوال العباد ، هاملا امر الدين ،  لمدة ثلاثين عاما في يوم عيد شرطته مطالبينه بتحسين المعاش والحقوق الانسانية التي تكفلها الاديان والاعراف الدولية ، ولكن هذه الشرطة اسرفت في قمع هؤلاء الشباب فمات من مات واصيب من اصيب واعتقل من اعتقل وانا لله وانا اليه راجعون ، ففوجيء هؤلاء الشباب ان رئيسهم لا يترحم على قتلاهم ، ولا يذكر ما حدث لهم متبوع بالأسف في خطابه الذي اقال فيه حكومته مضطرا ، ففار الدم في العروق ، وبلغ الغضب مداه ، والحنق مُنتهاه ، وتحول الهتاف الى يسقط يسقط حسني مبارك ، ولبثوا في اعتصامهم حتى تحقق غرضهم ، وخرج عليهم احد قادة جيشهم وعظم للشهيد ، وصار اليوم عيد وعمت الفرحة ارجاء المحروسة ، وانصراف الشباب في امل خلاب .
ثم كان العجب العجاب ، وظل الخراب ، وعاد القتل من جديد اثناء حكم المجلس الذي ضم هذا القائد الذي عظم للشهيد ، في مجلس الوزراء ومحمد محمود والعباسية واستاد بورسعيد ، وما عاد يُعظم للشهيد ، واختفت من المحروسة ملامح العيد ، فخرج الناس يهتفون بسقوط حكم العسكر ، واجبروا كبيرهم على اجراء انتخابات رئاسية ، آملين في رئيس يُعيد الحقوق ، وينشر العدل والأمن في ربوع مصر المحروسة من بعد كرب السنين العجاف التي اهلكت الزرع والنسل ونشرت الفساد في ربوع المحروسه كما ينتشر الطاعون في اجساد البقر .
وبالفعل جاء هذا الرئيس بعد شهور ، وحاول تتبع لغة الأولين في خطابه الأول وذكر الاهل والعشيرة ، فصار الجهلاء في حيرة ، وظنوا انه يختص جماعته التي دعمته وساندته ، وصار هذا الرئيس على درب الحرية ، فترك للجميع حق الكلام ، فسفهه اللئام ، وصوروه امام العامة نذير شؤم وخراب ، وان سنين حكمه عتمة او ضباب ، رغم انه حاول تحسين الغذاء والاستكفاء من السلاح والدواء ، ومكر عليه اليهود الملاعين ، فافتعلوا حربا ضد المسلمين المحاصرين في غزة الابيه ، فخرج هذا الرئيس بخطاب شديد ، كال لهم بالوعيد ، وذكر بالحنين الى بيت المقدس ، وارسل رئيس وزرائه لدعم اهل غزة وهي تحت القصف ، وفتح المعابر للدعم القطري ، وتحدى ارادة المُتسلط الاميركي ، فانكشف لهم ما في قلبه من صدق النيه على استعادة الحقوق الاسلامية ، فاستعانوا بالعملاء المأجورين ، لتنسحب الكنائس من لجنة الدستور وحرب غزة مازالت حامية الوطيس ، وفي اعقابهم انسحب السياسي المشهور الذي كان قد خط بعض المواد بقلمه المأجور ، وانسحب كذلك العلمانيون والليبراليون ، وتآمر القضاء على الرجل لعرقله هذا الدستور ، الذي كان يحلم ان تنبعث منه قوانين تهذب فوضى الحياة التي احدثها حكم العسكر لعقود ، فجعلت من القضاء وراثه ، ومن الشرطة كلاب حراسة ، ومن الاعلام سوق نخاسة ، فاراد الرئيس ان يحصن دستوره وقد غره خروجه من ازمة غزة بنصر سياسي اعاد للقاهرة هيبتها في سائر العواصم والبلدان ، فاُخذ الرجل من حيث امن بسبب الغرور ، وتحالف السياسيين مع العسكر ومن خلفهم مندوبة الاميركان اتباع اليهود ، وبدأ تكثيف بث السموم للشعب المكلوم ، الذي اشعروه ان محبوبتهم مصر تئن تحت خطر محدق ، وخراب كاسر محلق في الاجواء ، فخرج الشعب على حاكمة المنتخب ديمقراطيا ، وحمل الشرطة التي لطالما اهانته على الاعناق ، وهو الذي كان خروجه الاول ضدها ، ولا حول ولا قوة الا بالله ، ووفر هؤلاء الخارجين الغطاء لعودة حكم العسكر الذي طغى وتجبر ، ورد الدين بالجراح ، واطفأ الافراح ، واستبدل الجهل بالعلم ، ففتحت السجون حتى اكتظت بالموحدين ، واصبح القتل في شوارع مصر المحروسة ايسر من شرب عصير القصب ، ويال العجب ، استمروا يبررون ، ويستمرئون قتل الخصوم ، وكون الجيش حكومة من العواجيز ، تأتمر بأمره ، وتنتهي بنهيه ، فعطلت الدراسة المره تلو المره ، واستعلت عليها اثيوبيا ، وحذرت العامة من دميه دُعيت فاهيتا تتآمر على آمنهم ، ووجدت وزيرة الصحة الحل لعلاج الامراض المستعصية ان تأمر الاطباء بهش القطة ، ولا حول ولا قوة الا بالله ، واعلن وزير التجارة افلاس مصر وبدء العسر ، وحارب وزير الرياضة لاعبيه ، واستأسدت الشرطة على النساء ، وكبلت المرأة في آلام النفاس باقسى الاغلال ، واغتُصب الفتيات في السجون ، وحرق الشباب في سيارات الترحيلات ، وانا لله وانا اليه راجعون ، وكانوا بذلك ينتقمون من الشعب الذي ثار ضدهم على الرغم من انه عاد وعلى الاعناق حملهم ، واستمر النفاق في الاعلام ، وعاد الى الصورة الافاعي اللئام ، اعوان اليهود ، من باعوا الغاز وخانوا الجنود ، وصارت مصر التي بهرت العالم بثورتها اضحوكة الامم ، كما بشر الشيخ ذو الفطنة و الشمم ، وانجلى تآمر الاعراب في الامارات ، مندوبون عن حكومة آل سعود اصل الفساد ، عليهم جميعا من الله ما يستحقون ، ولا حول ولا قوة الا بالله ، ومات الشباب على الجبال دون نجدة تنقذهم ، ومنهم من فوض من قبل كبير العسكر للحرب على ارهاب محتمل ، واكتشف الشعب المفوض ان طائرات جيشه لا يمكن ان ترتفع لانقاذهم ، لان من صنعها ارسلها فقط لقمعهم باموالهم ، وكانوا قد وعدوا ان يظلوا في القلب ونور العين ، وان يجدوا من يحنوا عليهم ، فشعر البعض منهم بمرارة الخديعة ، وظل البعض الآخر يكابر من اجل الكيد والعناد ، وانا لله وانا اليه راجعون "

ربما كانوا سيكتبون بهذه الطريقة بعد عقود من الآن ان كانوا على قيد الحياة ، ربما سيسخرون اكثر وأكثر من شعب به ملايين تعشق حياة الذل والعبودية ، وتشعر بالحرج ان هبت عليها نسمات الحرية ، وتكيد للهوية الاسلامية ، والى الله المُشتكى .

حسام الغمري 

الأحد، 16 فبراير 2014

أحدب وزارة الداخلية وحرية بنت دهب


رأيت في صورة الأم الصغيرة دهب التي تحمل " حرية " ابنتها الوليدة بيد بينما اليد الأخرى اسيرة اغلال القهر والقمع اختزالا قدريا لحال مصر المنحوسة حيث يسعى جزء من هذا الشغب اللي الحرية بينما يحاول الجزء الآخر استعذاب قيدا استعاده بعد ثورة يناير المبتورة .
ولكن التعليق الذي صرحت به هذه الام الصغيرة بعد قرار الافراج الصحي عنها بقيام أحد ظباط الشرطة بتهديدها بقوله انها ستبقى في السجن وستربى ابنتها الوليدة بداخله ، هذا الفعل جعلني اتذكر رائعة الكاتب فيكتور هوجو " أحدب نوتردام " التي تحكي عن ذلك المنبوذ الوحيد المشوه الذي انتُدب لقرع اجراس الكاتدرائية التي كانت معقلا للقهر في اوروبا القرون الوسطى ، فما الذي يجعل " الباشا " يهدد هذه الأم الصغيرة وهي على تلك الحال من آلام وضع قيصري واعراض نفاث ؟ بل واحدى يديها تئن من ظلم القيد ، هل هكذا يستوي نفسيا هذا " الباشا " ، هل بهذا التهديد تتصالح ذاته وتتسق وتتوازن ؟ هل يرضي غروره بث الرعب داخل نفس  هذه الام الصغيرة بأن يبشرها بمصير اسود ينتظرها هي وابنتها ؟ هل هذا هو عمل النجوم والنسور الموضوعه على كتفيه مزينة حُلته الميري ؟ هل هكذا تفهم الرجولة يا حضرة الضابط ؟ ام هكذا تمارس السلطة ؟!!
بتواتر انباء التعذيب الكريهه المنبعثه من داخل المعتقلات في مصر والتي لا يوجد الآن مثيل لها في عالم القرن الواحد والعشرين بدأت افكر بطريقة مختلفة في شخصية ضابط الشرطة المصري ، طريقة تختلف عن تلك التي تشتكي وتشجب وتستنكر ، بدأت احاول فهم هذه التركيبه النفسية المتجرده من بديهيات السلوك الآدمي ، والملامح الانسانية ، وبدأت اسأل نفسي ، الم يكونوا زملاء لنا حتى الدراسة الثانوية ثم تغيرت النظرة في عيونهم بعد أول 45 يوم قضوها في كلية الشرطة ، ومع الوقت ابتعدوا تماما حتى انعزلوا ، ربما في احد ابراج كاتدرائية قهر  السلطة كما حدث للمشوه أحدب نوتردام بطل رواية هوجو الشهيرة .
بل لقد تذكرت قصة مرت بي منذ عشرين عاما ، حيث كان لأخي الذي يصغرني صديق فقد والده لواء الشرطة في حادث ترك اثارا بشعه على وجه هذا الصديق ، كان الجميع يبتعدون عنه ، في الواقع يخشون النظر الى ملامحه التي كانت بالفعل على قدر كبير من البشاعه ، حاول اخي التقرب من هذا الفتى بدوافع انسانية بحته ، وحين رأيته للمره الاولى كان يتعمد وضع احدى يديه امام نصف وجهه لتخفي اثر التشوه طوال حديثه معي ، فقررت مساعدته بعد ما تألمت كثيرا لاجله ، اخبرته ان العاهه تتحقق فقط حين تسيطر على الانسان من الداخل ، وانه يجب ان يواجه الناس بوجهه هذا دون ان يشعرهم بانه عيب يسيطر على وجدانه بأن يقهر هذا التشوه بداخله ، وامعانا في كسر هذه العقده اقنعته بالظهور على المسرح في احدى المسرحيات التي كنت اقدمها في ذلك الوقت بعد ان اخبرته بانه ان استطاع مواجه الجمهور بهذا الوجه فلن يخشى مواجه اي شخص بعد ذلك ، وبالفعل حدث ذلك وشارك كواحد من " الجوقة " في احدى عروضي المسرحية .
كان اخي ايضا كثيرا ما يستقبله للنوم في منزلنا اثناء خلافه مع والدته بخصوص عمليات التجميل التي كان يخضع لها كل بضعه شهور لاصلاح وجهه ، حتى استطاعت عمليات التجميل – وقد علمت ان وزارة الداخلية ساهمت كثيرا في نفقاتها – في تحسين تشوهات وجهه بنسبة 95 % أو ربما يزيد ، والمفاجأة انه التحق بكلية الشرطة .
عامين أو ثلاثه مضوا لا اذكر على وجه التحديد وكنت في زيارة الى منزل عائلتي القريب من منزل هذا الشاب فقابلته في الطريق عائدا في اجازة من كلية الشرطة برفقة احد زملائه الطلاب وكانت سعادتي لا توصف حين رأيته باللباس الميري فسارعت بالنداء عليه وتوجهت لمصافحته بوجه متهلل ولكنه قابل هذا كله بفتور لا يوصف ، واستعلاء مصطنع كنت سأنفجر ضاحكا بسببه ، وحين سألت اخي الاصغر عن هذا وكان قد التحق بطلية الهندسة قال لي : انه اصبح شخص آخر بمجرد دخوله كلية الشرطة وان صداقتهما انتهت تماما بناء على رغبته .
عندها تيقنت ان شيئا ما يحدث داخل كلية الشرطة يشوه النفوس والارواح ، فالدعم النفسي الذي قدمته انا واخي لهذا الصبي كان صادقا وابتغاء لمرضاة الله وتطبيقا لابسط قواعد الانسانية ، والتحول الذي بدا عليه بمجرد التحاقه بكلية الشرطة كان ايضا ضد ابسط قواعد الانسانية التي تمتن دون شك لاصحاب الايادي البيضاء وقت المحن دون انتظار مقابل .
الجمال الصافي في رواية فيكتور هوجو والذي مثلته شخصية ازميرالدا هو الذي جعل المشوه احدب نوتردام يكتشف افضل ما بداخله ، ويخوض حربا من اجل العدالة والانسانية وينتصر فيها على الجميع وفيها تتضح ملكاته ومهاراته ، فما الجمال الذي يحتاجه ابناء مصر من ضباط الشرطة حتى يكون اتساقهم النفسي يحدث دون الحاجة الي بث الرعب داخل نفس ام صغيرة مقيدة في الاصفاد وقت النفاس ، اللهم جمال الهداية والدين والقرب من الله وحده الذي من شأنه اصلاح هذه التشويهات داخل نفوسهم ، فيعود ضابط الشرطة محبوبا كما كان في الماضي حيث عبر عنه الفنان أنور وجدي في السينما اروع تعبير ، واعتقد ان انور وجدي لو كان بين ظهرانينا ما كان ليمثل دور ضابط الشرطة وكان سيترك هذه الادوار للمليجي او زكي رستم وغيرهم ممن برعوا في تقديم ادوار الشر .
اللهم اهدى ضباط الشرطة في مصر
فأنت المعين ومنك الرشاد
حسام الغمري


الخميس، 13 فبراير 2014

التهريج والتهييج في سياسات الخليج

لا احد يتخيل نص الرسالة التي ارسلها الملك فيصل للرئيس الاميركي جونسن بتاريخ 27 ديسمبر عام 1966 – الموافق 15 رمضان 1386 ، أي ان جلالته ارسل خطابه هذا اثناء  الشهر الفضيل –  ولا ندري ان كان جلالته قد ارسله وهو صائما ام ارسله بعد الافطار .
وفيما يلي الجزء الخطير من نص الرسالة كما اوردها الكاتب حمدان حمدان في كتابه " عقود من الخيبات " بعد الافراج عنها كوثيقه سري للغاية ضمن مجموعة من وثائق البيت الابيض الهامة المفرج عنها بقانون حرية تداول المعلومات في اميركا .
يقول فيصل في رسالته لجونسون :
و من كل ما تقدم يا فخامة الرئيس ، ومما عرضناه بإيجاز يتبين لكم أن مصر هى العدو الأكبر لنا جميعا ، وأن هذا العدو إن ترك يحرض ويدعم الأعداء عسكريا وإعلاميا ، فلن يأتى عام 1970 – كما قال الخبير فى إدارتكم السيد كيرميت روزفلت – وعرشنا ومصالحنا فى الوجود  .

لذلك فأننى أبارك ، ما سبق للخبرا الأمريكان فى مملكتنا ، أن اقترحوه ، لأتقدم بالاقتراحات التالية : -
 أن تقوم أمريكا بدعم إسرائيل بهجوم خاطف على مصر تستولى به على أهم الأماكن حيوية فى مصر، لتضطرها بذلك ، لا إلى سحب جيشها صاغرة من اليمن فقط ، بل لإشغال مصر بإسرائيل عنا مدة طويلة لن يرفع بعدها أى مصرى رأسه خلف القناة ، ليحاول إعادة مطامع محمد على وعبد الناصر فى وحدة عربية .

بذلك نعطى لأنفسنا مهلة طويلة لتصفية أجساد المبادئ الهدامة ، لا فى مملكتنا فحسب ، بل وفى البلاد العربية ومن ثم بعدها ، لا مانع لدينا من إعطاء المعونات لمصر وشبيهاتها من الدول العربية إقتداء بالقول ( أرحموا شرير قوم ذل ) وكذلك لإتقاء أصواتهم الكريهة فى الإعلام  .

 سوريا هى الثانية التى لا يجب ألا تسلم من هذا الهجوم ، مع إقتطاع جزء من أراضيها ، كيلا تتفرغ هى الأخرى فتندفع لسد الفراغ بعد سقوط مصر .
 لا بد أيضا من الاستيلاء على الضفة الغربية وقطاع غزة ، كيلا يبقى للفلسطينيين أي مجال للتحرك ، وحتى لا تستغلهم أية دولة عربية بحجة تحرير فلسطين ، وحينها ينقطع أمل الخارجين منهم بالعودة ، كما يسهل توطين الباقى ف الدول العربية .

 نرى ضرورة تقوية الملا مصطفى البرازانى شمال العراق ، بغرض إقامة حكومة كردية مهمتها إشغال أى حكم فى بغداد يريد أن ينادى بالوحدة العربية شمال مملكتنا فى أرض العراق سواء فى الحاضر أو المستقبل .

علما بأننا بدأنا منذ العام الماضى (1965) بإمداد البرازانى بالمال و السلاح من داخل العراق ، أو عن طريق تركيا و إيران .

يا فخامة الرئيس .
إنكم ونحن متضامين جميعا سنضمن لمصالحنا المشتركة و لمصيرنا المعلق ، بتنفيذ هذه المقترحات أو عدم تنفيذها ، دوام البقاء أو عدمه ..
أخيرا .
أنتهز هذه الفرصة لأجدد الإعراب لفخامتكم عما أرجوه لكم من عزة ، و للولايات المتحدة من نصر وسؤدد ولمستقبل علاقتنا ببعض من نمو و ارتباط أوثق و ازدهار .
المخلص : فيصل بن عبد العزيز
ملك المملكة العربية السعودية

انتهت الرسالة وبدأ العجب ، والواقع يثبت ان الملك فيصل اوفى بوعده الذي قطعه على نفسه في هذه الرسالة في مؤتمر القمة العربية التي عقدت في الخرطوم بعد النكسة وقدم دعم مالي مباشر لمصر بقيمة خمسة ملايين دولار ظاهرها دعم المجهود الحربي وباطنها كف الاعلام الكريه عنه وفق تعبيره لجونسون .
ومن المعروف ايضا ان الاتفاق السعودي الاميركي لم يكن يتضمن احتلال اسرائيل للقدس ، لذا ارسلت امريكا سفينة التجسس " ليبرتي " كي تتابع تحركات الجيش الاسرائيلي خشية ان تخرج عن اطار السيناريو المرسوم لها بدقه بمباركة سعودية ، ولكن المفاجأة التي يعرفها الدارسون ان اسرائيل قصفت هذه البارجة مما ادى الى مقتل 137 بحارا امريكيا ، ثم اعتذرت اسرائيل عن هذا الفعل الذي قالت انه تم بالخطأ ، وهكذا ضاعت القدس بتآمر عربي اميركي ودماء عربية وامريكية وتنفيذ صهيوني استعراضي وخيبة ناصرية مخزية .

ربما شعر الملك فيصل بالندم بعد ذلك على تآمره الذي آدى الى ضياع القدس ، وتحدث علنا عن حنينه اليها ، فكان جزاءه رصاصتين من مسدس احد افراد عائلته المالكه صرنا نعرف جميعا بعد ذلك علاقته الحميمة بعميلة اميركية لـــ CIA ، ثم جاء من بعده الملك خالد الذي اوقف " حنفيه " الدعم السعودي لمصر حتى العام 1991 حين بادر مبارك بالاشتراك في مؤامرة كبيرة ضد صدام حسين الذي كان قد انشأ معه مجلس تعاون عربي ضمن ايضا اليمن والأردن لصالح الكويت التي وصفها مبارك حين سئل عن دور مصر في اعمارها بعد عملية عاصفة الصحراء في مؤتمر طلابي حضرته بنفسي قائلا : دول يهود الخليج .

رسالة فيصل لا تُعيد فقط طرح الاسئلة الساخنة حول حقيقة اسرة آل سعود التي تآمرت على الخلافة الاسلامية بدعوى تنقيه العقيدة من شوائب الشرك بالله – ولست ادرى اي شرك اكبر من الرموز الماسونية التي تبثها قنوات MBC لاطفال العرب – و لا تذكرنا بالوثيقة التي كتبها مؤسس دولتهم الثانية الملك عبد العزيز ووقعها بخط يده والتي يتنازل فيها عن فلسطين لطالح اليهود ، ولا تضع اضاءات حول الموقف السعودي التآمري حول اول رئيس مصري مدني منتخب ذكر الحنين الى القدس واوقف حربا ضروسا ضد غزة الصامدة ، وذكر حاجتنا الى الاكتفاء الذاتي من القمح والدواء والسلاح ، بل توضح هذه الرسالة بجلاء لا ريب فيه اهم ملامح السياسات الخليجية – عدا قطر – ضد مصر ، ويمكن ان نجمل هذه السياسة في جملة واحده مفادها : يجب الا تترك مصر للغرق ، كما يجب ايضا الا تعود قوية مرفوعة الرأس .

فالتاريخ يؤكد ان قيام دولة قوية في مصر يؤكد حتمية بسط نفوذها على ارض الحجاز والحرمين ، كما حدث اثناء الحكم الفاطمي ، والايوبي والملوكي ، وايضا اثناء حكم محمد على الذي اخضع الدولة السعودية الاولى لصالح دولة الخلافة قبل ان ينقلب عليها فيما بعد ، كمان ان غرق مصر ذات الــ 100 مليون عربي وخروجها عن السيطرة يهدد المنطقة بأسرها باخطار جسيمة ، ويكفى ان نعرف ان فرعا لحزب الله ينشأ في سيناء مثلا يضع اسرائيل بين شقي الرحى حيث تجعل الجعرافيا اسرائيل تركع يقينا تحت وطأة تكنولوجيا الصواريخ التي وصلت لايادي عربية محاصرة بكل اسف .

لذا لم يستطع الملك عبد الله بن عبد العزيز الاحتفاظ بوقاره " كخادم للحرمين " وسارع بالترحيب بانقلاب السيسي وبطانته العلمانية ، واللافت ان هذه البطانه العلمانية قامت بسب كل ما هو سعودي بافظع الالفاظ حين قام الشيخ العريفي بزيارة مصر والخطابة من فوق منبر عمرو بن العاص - رغم اسرافه في مدح مصر والمصريين – و لم يغضب الملك لكرامة قومه رغم السباب المباح من العلمانيين ، بل استمر في التخطيط لدعم انقلابهم ماليا وسياسيا . وكأن غضبه من وجود حاكم اسلامي يعمل على استعادة مصر القوية لتكون نواة لاستعادة الامبراطورية الاسلامية القادرة على مقاومة الهيمنة الاميركية - كما يقولون هم بانفسهم في تصريحاتهم وكتب نخبتهم السياسية الصهيوصليبية الهوى - غضب جلالته من هذا اكبر بكثير من غضبه لوصف السعوديين بالقطعان الآتية من الصحراء لغزو مصر الحضارة والتاريخ كما حدث منذ 1435 عاما - كما يردد العلمانيون على الدوام ومعهم اتباع يسوع -  .

ولم لا وقد عمل اخوه فيصل من قبل على خفض هامات المصريين غرب القناة لا لشيء الا لرغبة جمال عبد الناصر في اقامة وحدة عربية على اساس قومي – لا ديني – فما بالك بالذي يرغب في فعل ذلك على اساس ديني من شأنه ضم تركيا اردوغان الفتيه ، وربما وصلت الوحدة الى قلب اوروبا حيث البوسنة وكوسوفا ومليارات الخليج !!!!
وان غدا لناظره لقريب
حسام الغمري





السبت، 8 فبراير 2014

الليلة نحكي .. امريكا ورثتنا وعبد الناصر كان مجرد عميل

الحرية لمصر
لا أحد يتوقع ان تشاك هيجل وزير الدفاع الاميركي في مكالماته المتواصله مع السيسي يشرح ويستفيض في وصف اعجابه وولعه بالراقصة سما المصري وقدرتها على الابتذال دون حياء تحت حكم السيسي الذي وفر لها الدعم والغطاء والحماية بينما يمنع نظامه مقالات بلال فضل ، كما ان احدا ايضا لا يتوقع ان السيسي هو من يعطي التعليمات والأوامر في هذه المكالمات المطولة .
 للأمر قصة طويلة بطعم الغدر المُر والخيانة والانقلابات ، حتى نفهما يجب ان ندرك اولا ان العلاقات بين الدول تماما كالعلاقات بين سائر البشر لا تخلو من وصال وهجر ، فتور وحميمية ، قرب وبعد ، اما العلاقات مع الدول العظمى فهي اشبه بالعلاقات الزوجية ، حيث يحسب الطرفان جيدا تبعات الطلاق وفاتورة الزواج .
وابدأ سرد هذه القصة بسؤال ، هل كانت اسرائيل تستطيع العيش وعلى حدودها الغربية المملكة المصرية الممتدة من منابع النيل جنوبا حتى البحر المتوسط شمالا ؟
أم كان يتحتم على الغرب الراعي الرسمي لاسرائيل تفتيت هذه المملكة الهائلة الثروات كما فتت سائر الأمة من قبل ومستمر في الفتيت الى اليوم والغد .
تذكر دائرة المعارف السوفيتية أن حركة عبدالناصر هي 
حركة قامت بها مجموعة من الضباط مرتبطة مباشرة بالمخابرات الأمريكية !!
والمتابع لسياسات امريكا بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية يُدرك كيف تأنت امريكا كثيرا قبل الدخول في هذه الحرب حتى ضمنت ان تخرج منها المنتصر الوحيد بعد ان تمسي الامبراطورية البريطانية منهكة القوى تماما فينحسر نفوذها حول العالم ، وبالتالي يمكن الحصول على تركة الأسد العجوز وهذا ما حدث ، و لا عجب ان ترى امريكا عملت على وقف العدوان الثلاثي على مصر لانها قررت ان تلعب اللعبة على طريقتها التي لم يعد لاوروبا فيها مكان لسيطرة أو نفوذ ، بل فقط طاعة وتبعيه .
        يذكر خالد محي الدين وهو من الضباط الأحرار في مذكراته " والآن أتكلم " أن علاقة الضباط الأحرار بالسفارة الأمريكية قبل قيام الإنقلاب كانت علاقة وثيقه ، وأنه كان هناك تنسيقا مستمرا بينهم .
و يفهم الملك فاروق هذا الامر من سلوك السفير الاميركي معه بمجرد تحرك الجيش في 23 يوليو فيسارع بالتنازل عن العرش ومغادرة البلاد .
ويذكر يوسف صديق - وهو من الضباط الأحرار كما أنه هو الذي اقتحم رئاسة الأركان  ليلة الإنقلاب واعتقل قادة الجيش فهو الذي انجح الإنقلاب بحركته الاستباقية -  يذكر في شهادته لاحمد حمروش الذي جمع شهادات ضباط الإنقلاب أن عبدالناصر وعبدالحكيم طالما حذراه في أول الثورة من غضب السفارة الأمريكية عندما كان يهاجم الاستعمار الانجلوامريكي وقالوا له اقصر هجومك على الانجليز فقط ! ثم اعتقله عبد الناصر بعد ذلك سنين طوال وهو الذي لولاه لما نجحت الثورة باعتراف جميع ضباط الانقلاب .
لا عجب ايضا فهذه عادة عسكر مصر الاشاوس المغاويير مع انصارهم قبل اعدائهم اذا خالفوهم .

ويذكر كيرمت روزفلت في كتابه " الحكومة الخفية " كيف انجح إنقلاب عبد الناصر وهو ضابط الإرتباط بين عبدالناصر والمخابرات الأمريكية كما عمل هو ايضا الإنقلاب في ايران وعزل حكومة مصدق المنتخبه وعمل إنقلاب حسني الزعيم في سوريا سنة ١٩٤٩ ! ذلك كله كان فقط لتمهيد لارض حول صنيعتهم وأميرتهم اسرائيل .
و يذكر ايضا الكاتب محمد جلال كشك كثيرا من الأدلة حول الإنقلاب الأمريكي في مصر في  كتابه " كلمتي للمغفلين " .
كما أن ابراهيم البغدادي - وهو غير عبداللطيف البغدادي - وكلاهما من الضباط الأحرار يقول أنه في أول قيام الثورة كانت
المخابرات الامريكية تعمل لهم دورات في العمل المخابراتي وحكم الدولة - ذكر ذلك في شهادته على الثورة في كتاب احمد حمروش - وهو من الضباط الاحرار في كتابه " شهود ثورة يوليو " !، وأكد هذه العلاقة أيضاً الجاسوس الامريكي الشهير مايلز كوبلاند في كتابه " لعبة الامم " ،

والتاريخ يحكي كيف هددت امريكا بريطانيا بعدم التدخل لقمع حركة الجيش  كما حذروا جمال من شرب اي عصير في السفارة البريطانية بعد نجاح الانقلاب خوف تسميمة ! ، كما ذكر تلك العلاقة ايضا حسن التهامي - وهو من الضباط الاحرار في مقابلاته العديدة مع جريدة " الانباء " الكويتية وكيف رتبت المخابرات الامريكية عملية تمثيلية اغتياله في "المنشية " التي إتهم فيها الاخوان المسلمين ظلما لاتخاذ ذلك ذريعة لاعدام قادة الاخوان وسجن أفراد  الجماعة سنة ١٩٥٤ .
كل هذه الشهادات تثبت بما لا يدع مجالا للشك دور اميركا في انقلاب 52 ، اما اهدافه فهي ما اتضح بعد ذلك ، وتتضح اكثر الآن !!!
فهكذا قررت امريكا باختصار بعد الحرب العالمية الثانية ، قررت ان تمارس اللعبة بطريقتها بعد ان ترث تركة بريطانيا المنهكة وحين فكر ايدن رئيس وزراء بريطانيا عام 56 استعادة المجد المسلوب في بورسعيد  انتهى سياسيا الى الابد في مزبلة التاريخ ، ولعل من ابرز نتائج هذا الميراث الاميركي تمزيق المملكة المصرية لانهاكها واضعافها ، وايضا تدمير الديمقراطية فيها ، فضلا عن استمرار تحريض العسكر ضد الاسلام والاسلاميين في مصر و كل الجموريات الاسلامية .
صحيح ان عبد الناصر اختلف لبعض الوقت ظاهريا مع شريكته اميركا ، الا ان خليفته السادات من اختاره بنفسه اعاد البلاد الى احضان العم سام الخانقه لقيمنا الاسلامية والعربية ، اما مبارك فقد مزج الاحضان بالقبلات الحاره وطمس من هويتنا اكثر من سابقيه .
واليوم ها انتم ترون السيسي وصنيعه ، فهل نسسلم .
لكم حرية التعليق

حسام الغمري