لا احد يتخيل نص الرسالة التي ارسلها الملك فيصل للرئيس
الاميركي جونسن بتاريخ 27 ديسمبر عام 1966 – الموافق 15 رمضان 1386 ، أي ان جلالته
ارسل خطابه هذا اثناء الشهر الفضيل – ولا ندري ان كان جلالته قد ارسله وهو صائما ام ارسله
بعد الافطار .
وفيما يلي الجزء الخطير من نص الرسالة كما اوردها الكاتب
حمدان حمدان في كتابه " عقود من الخيبات " بعد الافراج عنها كوثيقه سري
للغاية ضمن مجموعة من وثائق البيت الابيض الهامة المفرج عنها بقانون حرية تداول
المعلومات في اميركا .
يقول فيصل في رسالته لجونسون :
و من كل ما تقدم يا فخامة الرئيس ، ومما عرضناه
بإيجاز يتبين لكم أن مصر هى العدو الأكبر لنا جميعا ، وأن هذا العدو إن ترك يحرض
ويدعم الأعداء عسكريا وإعلاميا ، فلن يأتى عام 1970 – كما قال الخبير فى إدارتكم
السيد كيرميت روزفلت – وعرشنا ومصالحنا فى الوجود .
لذلك فأننى أبارك ، ما سبق للخبرا الأمريكان فى
مملكتنا ، أن اقترحوه ، لأتقدم بالاقتراحات التالية : -
أن تقوم أمريكا بدعم إسرائيل بهجوم خاطف على مصر تستولى به على أهم
الأماكن حيوية فى مصر، لتضطرها بذلك ، لا إلى سحب جيشها صاغرة من اليمن فقط ، بل
لإشغال مصر بإسرائيل عنا مدة طويلة لن يرفع بعدها أى مصرى رأسه خلف القناة ،
ليحاول إعادة مطامع محمد على وعبد الناصر فى وحدة عربية .
بذلك نعطى لأنفسنا مهلة طويلة لتصفية أجساد المبادئ الهدامة ، لا فى مملكتنا فحسب ، بل وفى البلاد العربية ومن ثم بعدها ، لا مانع لدينا من إعطاء المعونات لمصر وشبيهاتها من الدول العربية إقتداء بالقول ( أرحموا شرير قوم ذل ) وكذلك لإتقاء أصواتهم الكريهة فى الإعلام .
سوريا هى الثانية التى لا يجب ألا تسلم من هذا
الهجوم ، مع إقتطاع جزء من أراضيها ، كيلا تتفرغ هى الأخرى فتندفع لسد الفراغ بعد
سقوط مصر .
لا بد أيضا من الاستيلاء على الضفة الغربية وقطاع غزة ، كيلا يبقى
للفلسطينيين أي مجال للتحرك ، وحتى لا تستغلهم أية دولة عربية بحجة تحرير فلسطين ،
وحينها ينقطع أمل الخارجين منهم بالعودة ، كما يسهل توطين الباقى ف الدول العربية .
نرى ضرورة تقوية الملا مصطفى البرازانى شمال
العراق ، بغرض إقامة حكومة كردية مهمتها إشغال أى حكم فى بغداد يريد أن ينادى
بالوحدة العربية شمال مملكتنا فى أرض العراق سواء فى الحاضر أو المستقبل .
علما بأننا بدأنا منذ العام الماضى (1965) بإمداد البرازانى بالمال و السلاح من داخل العراق ، أو عن طريق تركيا و إيران .
يا فخامة الرئيس .
إنكم ونحن متضامين جميعا سنضمن لمصالحنا المشتركة و لمصيرنا المعلق ، بتنفيذ هذه المقترحات أو عدم تنفيذها ، دوام البقاء أو عدمه ..
أخيرا .
أنتهز هذه الفرصة لأجدد الإعراب لفخامتكم عما
أرجوه لكم من عزة ، و للولايات المتحدة من نصر وسؤدد ولمستقبل علاقتنا ببعض من نمو
و ارتباط أوثق و ازدهار .
المخلص : فيصل بن عبد العزيز
ملك المملكة العربية السعودية
المخلص : فيصل بن عبد العزيز
ملك المملكة العربية السعودية
انتهت الرسالة وبدأ
العجب ، والواقع يثبت ان الملك فيصل اوفى بوعده الذي قطعه على نفسه في هذه الرسالة
في مؤتمر القمة العربية التي عقدت في الخرطوم بعد النكسة وقدم دعم مالي مباشر لمصر
بقيمة خمسة ملايين دولار ظاهرها دعم المجهود الحربي وباطنها كف الاعلام الكريه عنه
وفق تعبيره لجونسون .
ومن المعروف ايضا ان
الاتفاق السعودي الاميركي لم يكن يتضمن احتلال اسرائيل للقدس ، لذا ارسلت امريكا
سفينة التجسس " ليبرتي " كي تتابع تحركات الجيش الاسرائيلي خشية ان تخرج
عن اطار السيناريو المرسوم لها بدقه بمباركة سعودية ، ولكن المفاجأة التي يعرفها
الدارسون ان اسرائيل قصفت هذه البارجة مما ادى الى مقتل 137 بحارا امريكيا ، ثم
اعتذرت اسرائيل عن هذا الفعل الذي قالت انه تم بالخطأ ، وهكذا ضاعت القدس بتآمر
عربي اميركي ودماء عربية وامريكية وتنفيذ صهيوني استعراضي وخيبة ناصرية مخزية .
ربما شعر الملك فيصل
بالندم بعد ذلك على تآمره الذي آدى الى ضياع القدس ، وتحدث علنا عن حنينه اليها ،
فكان جزاءه رصاصتين من مسدس احد افراد عائلته المالكه صرنا نعرف جميعا بعد ذلك علاقته
الحميمة بعميلة اميركية لـــ CIA ، ثم جاء من بعده الملك خالد الذي اوقف "
حنفيه " الدعم السعودي لمصر حتى العام 1991 حين بادر مبارك بالاشتراك في
مؤامرة كبيرة ضد صدام حسين الذي كان قد انشأ معه مجلس تعاون عربي ضمن ايضا اليمن
والأردن لصالح الكويت التي وصفها مبارك حين سئل عن دور مصر في اعمارها بعد عملية عاصفة
الصحراء في مؤتمر طلابي حضرته بنفسي قائلا : دول يهود الخليج .
رسالة
فيصل لا تُعيد فقط طرح الاسئلة الساخنة حول حقيقة اسرة آل سعود التي تآمرت على
الخلافة الاسلامية بدعوى تنقيه العقيدة من شوائب الشرك بالله – ولست ادرى اي شرك
اكبر من الرموز الماسونية التي تبثها قنوات MBC
لاطفال العرب – و لا تذكرنا بالوثيقة التي كتبها مؤسس دولتهم الثانية الملك عبد
العزيز ووقعها بخط يده والتي يتنازل فيها عن فلسطين لطالح اليهود ، ولا تضع اضاءات
حول الموقف السعودي التآمري حول اول رئيس مصري مدني منتخب ذكر الحنين الى القدس واوقف
حربا ضروسا ضد غزة الصامدة ، وذكر حاجتنا الى الاكتفاء الذاتي من القمح والدواء
والسلاح ، بل توضح هذه الرسالة بجلاء لا ريب فيه اهم ملامح السياسات الخليجية –
عدا قطر – ضد مصر ، ويمكن ان نجمل هذه السياسة في جملة واحده مفادها : يجب الا
تترك مصر للغرق ، كما يجب ايضا الا تعود قوية مرفوعة الرأس .
فالتاريخ
يؤكد ان قيام دولة قوية في مصر يؤكد حتمية بسط نفوذها على ارض الحجاز والحرمين ،
كما حدث اثناء الحكم الفاطمي ، والايوبي والملوكي ، وايضا اثناء حكم محمد على الذي
اخضع الدولة السعودية الاولى لصالح دولة الخلافة قبل ان ينقلب عليها فيما بعد ، كمان
ان غرق مصر ذات الــ 100 مليون عربي وخروجها عن السيطرة يهدد المنطقة بأسرها باخطار
جسيمة ، ويكفى ان نعرف ان فرعا لحزب الله ينشأ في سيناء مثلا يضع اسرائيل بين شقي
الرحى حيث تجعل الجعرافيا اسرائيل تركع يقينا تحت وطأة تكنولوجيا الصواريخ التي
وصلت لايادي عربية محاصرة بكل اسف .
لذا
لم يستطع الملك عبد الله بن عبد العزيز الاحتفاظ بوقاره " كخادم للحرمين
" وسارع بالترحيب بانقلاب السيسي وبطانته العلمانية ، واللافت ان هذه البطانه
العلمانية قامت بسب كل ما هو سعودي بافظع الالفاظ حين قام الشيخ العريفي بزيارة
مصر والخطابة من فوق منبر عمرو بن العاص - رغم اسرافه في مدح مصر والمصريين – و لم
يغضب الملك لكرامة قومه رغم السباب المباح من العلمانيين ، بل استمر في التخطيط
لدعم انقلابهم ماليا وسياسيا . وكأن غضبه من وجود حاكم اسلامي يعمل على استعادة
مصر القوية لتكون نواة لاستعادة الامبراطورية الاسلامية القادرة على مقاومة
الهيمنة الاميركية - كما يقولون هم بانفسهم في تصريحاتهم وكتب نخبتهم السياسية الصهيوصليبية
الهوى - غضب جلالته من هذا اكبر بكثير من غضبه لوصف السعوديين بالقطعان الآتية من
الصحراء لغزو مصر الحضارة والتاريخ كما حدث منذ 1435 عاما - كما يردد العلمانيون
على الدوام ومعهم اتباع يسوع - .
ولم
لا وقد عمل اخوه فيصل من قبل على خفض هامات المصريين غرب القناة لا لشيء الا لرغبة
جمال عبد الناصر في اقامة وحدة عربية على اساس قومي – لا ديني – فما بالك بالذي
يرغب في فعل ذلك على اساس ديني من شأنه ضم تركيا اردوغان الفتيه ، وربما وصلت
الوحدة الى قلب اوروبا حيث البوسنة وكوسوفا ومليارات الخليج !!!!
وان
غدا لناظره لقريب
حسام
الغمري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق