الخميس، 20 فبراير 2014

حكومة فاهيتا هش القطة

كثيرا ما كنت انظر للاسلوب الذي كانت يكتب به المؤرخون العرب كالسيوطي وابن كثير الذين تناولوا تاريخ الخلافة الاسلامية باعجاب شديد ، وفي السطور التالية سأتخيل ان واحدا منهم بُعث ليؤرخ ما صرنا اليه بعد مرور اعوام على هذا العبث الذي نعيش فيه ، ولعله سيقول :

" وذكر في الأثر ان الشباب في مصر المحروسة قد هبوا على حاكمهم الذي طال بقاءه على عرش البلد ظالما احوال العباد ، هاملا امر الدين ،  لمدة ثلاثين عاما في يوم عيد شرطته مطالبينه بتحسين المعاش والحقوق الانسانية التي تكفلها الاديان والاعراف الدولية ، ولكن هذه الشرطة اسرفت في قمع هؤلاء الشباب فمات من مات واصيب من اصيب واعتقل من اعتقل وانا لله وانا اليه راجعون ، ففوجيء هؤلاء الشباب ان رئيسهم لا يترحم على قتلاهم ، ولا يذكر ما حدث لهم متبوع بالأسف في خطابه الذي اقال فيه حكومته مضطرا ، ففار الدم في العروق ، وبلغ الغضب مداه ، والحنق مُنتهاه ، وتحول الهتاف الى يسقط يسقط حسني مبارك ، ولبثوا في اعتصامهم حتى تحقق غرضهم ، وخرج عليهم احد قادة جيشهم وعظم للشهيد ، وصار اليوم عيد وعمت الفرحة ارجاء المحروسة ، وانصراف الشباب في امل خلاب .
ثم كان العجب العجاب ، وظل الخراب ، وعاد القتل من جديد اثناء حكم المجلس الذي ضم هذا القائد الذي عظم للشهيد ، في مجلس الوزراء ومحمد محمود والعباسية واستاد بورسعيد ، وما عاد يُعظم للشهيد ، واختفت من المحروسة ملامح العيد ، فخرج الناس يهتفون بسقوط حكم العسكر ، واجبروا كبيرهم على اجراء انتخابات رئاسية ، آملين في رئيس يُعيد الحقوق ، وينشر العدل والأمن في ربوع مصر المحروسة من بعد كرب السنين العجاف التي اهلكت الزرع والنسل ونشرت الفساد في ربوع المحروسه كما ينتشر الطاعون في اجساد البقر .
وبالفعل جاء هذا الرئيس بعد شهور ، وحاول تتبع لغة الأولين في خطابه الأول وذكر الاهل والعشيرة ، فصار الجهلاء في حيرة ، وظنوا انه يختص جماعته التي دعمته وساندته ، وصار هذا الرئيس على درب الحرية ، فترك للجميع حق الكلام ، فسفهه اللئام ، وصوروه امام العامة نذير شؤم وخراب ، وان سنين حكمه عتمة او ضباب ، رغم انه حاول تحسين الغذاء والاستكفاء من السلاح والدواء ، ومكر عليه اليهود الملاعين ، فافتعلوا حربا ضد المسلمين المحاصرين في غزة الابيه ، فخرج هذا الرئيس بخطاب شديد ، كال لهم بالوعيد ، وذكر بالحنين الى بيت المقدس ، وارسل رئيس وزرائه لدعم اهل غزة وهي تحت القصف ، وفتح المعابر للدعم القطري ، وتحدى ارادة المُتسلط الاميركي ، فانكشف لهم ما في قلبه من صدق النيه على استعادة الحقوق الاسلامية ، فاستعانوا بالعملاء المأجورين ، لتنسحب الكنائس من لجنة الدستور وحرب غزة مازالت حامية الوطيس ، وفي اعقابهم انسحب السياسي المشهور الذي كان قد خط بعض المواد بقلمه المأجور ، وانسحب كذلك العلمانيون والليبراليون ، وتآمر القضاء على الرجل لعرقله هذا الدستور ، الذي كان يحلم ان تنبعث منه قوانين تهذب فوضى الحياة التي احدثها حكم العسكر لعقود ، فجعلت من القضاء وراثه ، ومن الشرطة كلاب حراسة ، ومن الاعلام سوق نخاسة ، فاراد الرئيس ان يحصن دستوره وقد غره خروجه من ازمة غزة بنصر سياسي اعاد للقاهرة هيبتها في سائر العواصم والبلدان ، فاُخذ الرجل من حيث امن بسبب الغرور ، وتحالف السياسيين مع العسكر ومن خلفهم مندوبة الاميركان اتباع اليهود ، وبدأ تكثيف بث السموم للشعب المكلوم ، الذي اشعروه ان محبوبتهم مصر تئن تحت خطر محدق ، وخراب كاسر محلق في الاجواء ، فخرج الشعب على حاكمة المنتخب ديمقراطيا ، وحمل الشرطة التي لطالما اهانته على الاعناق ، وهو الذي كان خروجه الاول ضدها ، ولا حول ولا قوة الا بالله ، ووفر هؤلاء الخارجين الغطاء لعودة حكم العسكر الذي طغى وتجبر ، ورد الدين بالجراح ، واطفأ الافراح ، واستبدل الجهل بالعلم ، ففتحت السجون حتى اكتظت بالموحدين ، واصبح القتل في شوارع مصر المحروسة ايسر من شرب عصير القصب ، ويال العجب ، استمروا يبررون ، ويستمرئون قتل الخصوم ، وكون الجيش حكومة من العواجيز ، تأتمر بأمره ، وتنتهي بنهيه ، فعطلت الدراسة المره تلو المره ، واستعلت عليها اثيوبيا ، وحذرت العامة من دميه دُعيت فاهيتا تتآمر على آمنهم ، ووجدت وزيرة الصحة الحل لعلاج الامراض المستعصية ان تأمر الاطباء بهش القطة ، ولا حول ولا قوة الا بالله ، واعلن وزير التجارة افلاس مصر وبدء العسر ، وحارب وزير الرياضة لاعبيه ، واستأسدت الشرطة على النساء ، وكبلت المرأة في آلام النفاس باقسى الاغلال ، واغتُصب الفتيات في السجون ، وحرق الشباب في سيارات الترحيلات ، وانا لله وانا اليه راجعون ، وكانوا بذلك ينتقمون من الشعب الذي ثار ضدهم على الرغم من انه عاد وعلى الاعناق حملهم ، واستمر النفاق في الاعلام ، وعاد الى الصورة الافاعي اللئام ، اعوان اليهود ، من باعوا الغاز وخانوا الجنود ، وصارت مصر التي بهرت العالم بثورتها اضحوكة الامم ، كما بشر الشيخ ذو الفطنة و الشمم ، وانجلى تآمر الاعراب في الامارات ، مندوبون عن حكومة آل سعود اصل الفساد ، عليهم جميعا من الله ما يستحقون ، ولا حول ولا قوة الا بالله ، ومات الشباب على الجبال دون نجدة تنقذهم ، ومنهم من فوض من قبل كبير العسكر للحرب على ارهاب محتمل ، واكتشف الشعب المفوض ان طائرات جيشه لا يمكن ان ترتفع لانقاذهم ، لان من صنعها ارسلها فقط لقمعهم باموالهم ، وكانوا قد وعدوا ان يظلوا في القلب ونور العين ، وان يجدوا من يحنوا عليهم ، فشعر البعض منهم بمرارة الخديعة ، وظل البعض الآخر يكابر من اجل الكيد والعناد ، وانا لله وانا اليه راجعون "

ربما كانوا سيكتبون بهذه الطريقة بعد عقود من الآن ان كانوا على قيد الحياة ، ربما سيسخرون اكثر وأكثر من شعب به ملايين تعشق حياة الذل والعبودية ، وتشعر بالحرج ان هبت عليها نسمات الحرية ، وتكيد للهوية الاسلامية ، والى الله المُشتكى .

حسام الغمري 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق