حين تتابع لقاء تليفزيونيا لقائد عام الجيش
الذي اطاح بأول رئيس مصري منتخب ، وتعهد بالقضاء على اكبر فصيل سياسي ديني ليس في
مصر وحدها ولكن في العالم كله ، والذي يتعهد ايضا ليس فقط بتغيير الخطاب الديني بل
بتغيير وجه الحياة في ارض مصر المنحوسة ، حين تتابعه وهو يتهيأ لاعتلاء سدة الحكم
رسميا ويكون السؤال الذي يُلح على خاطرك اثناء اللقاء هو : هل اتم السيسي فترة
الرضاعة ؟
حتما يكون في الأمر خطأ رهيب .
فكرت طويلا ان الخطأ خطأي انا وليس خطأ الرجل
، كيف يستسلم خيالي لهذا السؤال الفضولي الخاص بفترة رضاعة السيسي ، انا رجل شرير
دون شك – هكذا قلت لنفسي – وما علاقة فترة الرضاعة ببرنامجه الانتخابي واطلالته يخاطب ناخبيه ، هل لأن ابرز ما لدى
السيسي هو انه كلما شعر ببلل سياسي قد يحبط احلامه الأوميجا ( وقد اعترف الرجل
بصدق التسريبات ) نراه يُسارع باللجوء الى المرأة المصرية كي تهرع لنجدته مصطحبة
زوجها وابناءها لانها صاحبة اليد الطولى في الأسرة المصرية كما يكرر دائما ، وليس
هذا فقط ، بل تتغير ملامح وجهه لتصبح اكثر رومانسية وشاعرية وكأنني اتابع الممثل
توفيق الدقن وهو ينظر الى الممثلة برلنتي عبد الحميد في فيلم ( سر طاقية الاخفاء )
كما تتحول نبرة صوته الى الرقه والحنان وكأني اتابع الممثل ابراهيم سعفان وهو يوجه
حواره الى الممثلة نوال ابو الفتوح في مسرحية ( الاستاذ مزيكا ) ، هل هذا هو السبب
الذي جعلني افكر ان كان قد اتم فترة رضاعته ؟ ام ان السبب هو فساد خيالي التطفلي
الفضولي المريض ؟
ساعات طويلة قضيتها ألوم نفسي مبكتا اياها ،
حتى تذكرت مؤتمر ( الكفته ) الشهير ، ورأيي الذي اعلنته على قناة الجزيرة مباشر
مصر تعليقا عليه حيث قلت بوضوح : العسكر كانوا يعتقدون ان هذا المؤتمر سيرفع من
شعبيتهم فاصبحوا اضحوكة العالمين وهذا يضعنا امام تساؤل مُلح حول القدرات العقلية للجنرال
السيسي ، فما اصعب ان يسيء المرء الى نفسه
من حيث كان يعقد انه يُكرمها ويرفع من شأنها .
هذا الخاطر جعلني ارفق بنفسي قليلا ، قد يكون
الذنب ذنب السيسي وليس شرا كامنا في نفسي الأمارة بالسوء ، فقررت ان اشاهد اللقاء
مرة أخرى فوجدت ان السيسي يعترف ببراءه يُحسد عليها انه قابل شخصية امريكية مرموقه
في مارس 2013 واخبرها ان مرسي قد انتهى ، فتساءلت في نفسي ، هل قيام وزير دفاع
بهذا لا يُعد تخابرا ؟ لا يُعد افشاء لاسرار عسكرية ؟ حيث ان مرسي كان القائد الأعلى
للقوات المسلحة ، والغريب ان السيسي نفسه خرج في شهر ابريل من العام الماضي ليطلب
من الشعب الوقوف امام صناديق الانتخاب بدلا من استدعاء الجيش لان الجيش نار لا
تلعبوا بيه ولا تلعبوا معاه كما أكد ، انت كنت بتشتغلنا أأسيسي – هكذا تساءلت في
نفسي - .
لم تنتهي المفاجآت عند ذلك الحد ، بل حين
سُئل عن صفقة السلاح الروسي حيث ملاءت اذرعته الاعلامية الفضاء المصري طنينا حول
الصفعة التي وجهها السيسي للبعبع الاميركي بتحوله الى السلاح الروسي ، قال السيسي ببراءه
وخجل ( كميل امه يا ناس ) : سلاح ايه ؟
لست متيقنا ان الاعلامية لميس قد شعرت ببلل
اثناء اجابته هذه ام ان امثالها لا يشعرون ، ولكن ، هل لهذه الدرجة مشاعر المواطن
السيساوي البسيط الذي صدقكم وبات يحلم بعبد الناصر الجديد مُحطم اسرائيل بالسلاح
الروسي والذي تعهد بتدمير اسرائيل ومن وراء اسرائيل ( امريكا يعني ) ، هل مشاعر
المواطن السيساوي لا تعني شيئا لديكم ، هل شعوره بأنه – حمار لامؤاخذه – لانه
صدقكم لا يعني الكثير لديكم .
ثم تجاوزت هذه النقطة ، وتجاوزت ايضا اعترافه
بصحة التسريبات وهو رجل الأمن الأول في مصر ومسئول المخابرات العسكرية السابق قائد
الحرب على الارهاب ، وتجاوزت غضبه ووعيده حين ذكر ابراهيم عيسى 8كلمة عسكر ، وتجاوزت
خطته الاقتصادية المبدعه المعتمده على ( اللنضه الموفرة ) وبالمناسبة أود ان اوضح
لسيادته ان عموم المصريين يستعملونها بالفعل ، تجاوزت كل هذا ولكن الشيء الذي لم
استطع تجاوزه حين قال : الجيش حساس مبيحبش حد يفتش وراه !!!!
نعم يا كابتن ، الجيش ايه يابا .. حساس ، والحساسية
دي تسليح روسي وللا اميركي ( ألش رخيص ) طب الحساسية دي بياخدولها مرهم وللا دواء
كحه ( ألش أرخص ) ، طب الحساسية دي عاديه يعني وللا لابسه مموه ( ألش أرخص وأرخص )
، ايه حكاية الجيش حساس دي ، يعني نظام يا إما كده يا شعب يا إما موش لاعب وللا
ايه ؟ ودوروا على حد يقف في الشمس على الحدود ؟؟؟ هيه بقت كده !!!!
و هنا تأكدت اني لست انسانا شريرا ، وان
العجب العجاب الذي شاهدته على الشاشة من الشخص الذي قتل من المسلمين في مصر ما لم
يقتل نابليون او كليبر او حتى اللورد كرومر المشهور بقسوته بات أمر لا يمكن
احتماله .
لست ضمن الفريق الذي يشكك في الحديث الشريف
الذي يمجد في جند مصر ، فلقد خدمت في الجيش ورأيت بأم عيني جنديا يحمل 70 كليو
جرام من التعيين ( الماء – البقوليات ) ويصعد بهما قمه جبليه على مسافة ثمانية
كليو متر حيث كنا في نقطة مراقبه في القطاع الاوسط في سيناء قريبة من منطقة
الميليز ، رأيت قوة تحمل وصبر وصلابة لا مثيل لها ، تحاورت مع ضباط صغار – حيث
انني كنت اخدم في مكتب عمليات الكتيبه – فوجدتهم اصحاب رؤى استراتيجية عميقه
وكفاءه ، وحنق شديد بسبب قيادة المشير طنطاوي لهذا الجيش ، سمعت قصصا عن ابتكارات
تدفن ، وكفاءات تُحول الى وحدات اداريه بمجرد ان تظهر كفاءه او نبوغا ، وسرعان ما
تُحال الى التقاعد ، جيش مصر جيش عظيم يا سادة ولكنه مُختطف ، ويجب على الشعب الذي
دعمه عام 56 اثناء العدوان الثلاثي ، وعام 1967 حين خرج يهتف ( هنحارب ) ودعمه طوال
حرب الاستنزاف واثناء العبور ، يجب على هذا الشعب العظيم ان يستعيد جيشه العظيم المختطف
، ودون شك سيفعل .
واخيرا قررت ان أحنو على رأسي التي لم تجد من
يحنو عليها قائلا في نفسي : جنرال سيسي .. طير انت
حسام الغمري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق