كنت اتفهم تصريحات اعضاء التحالف الوطني لدعم الشرعية
طوال الشهور الماضية من عينة : الداخلية مُرهقة .. الانقلاب مُحاصر داخليا وخارجيا
.. شرفاء الجيش غاضبون وسيتحركون قريبا .
وهكذا دائما الصراعات الكبرى تكون مصحوبة بتصريحات تخدم اهداف
الحرب النفسية التي من شأنها النيل من عزيمة الخصوم ، وبث الامل في نفوس الانصار ،
ولكن اذا اردت تحليل ما يجري على الارض فعليك تجاهل كل هذه التصريحات مؤقتا ومراقبة
تطور الاحداث مع ربط كل قرار يأخذه اي طرف من طرفي الصراع بالتوقيت الذي يصدر فيه
مع وضع سؤال : هل كان يمكن ان يصدر هذا القرار من هذا الطرف قبل فترة من الزمن ؟
ولكي نبدأ في مداعبة خيال القاريء العزيز لاثارة الاذهان دعونا نتساءل : هل كان
السيسي يستطيع ان يُظهر رغبته في رئاسة مصر في يوليو 2013 بعد عزل مرسي مباشرة أم كان عليه ان ينتظر تهيئة
الارض لاستقبال هذا القرار الذي أُعلن في ذكرى توقيع معاهدة كامب ديفيد المشبوهه وبالحلة
العسكرية المصرية منبع الوطنية كما يقولون ؟ والاجابة الكيدة انه بالطبع ما كان
السيسي المُسرب عنه دائما يجروء على اظهار نيته الحقيقية الا بعد تهيئة المسرح ، والسؤال
الطبيعي والتلقائي الآن ، هل كل نوايا السيسي اتضحت ، ام ان هناك في جعبته المزيد من
النوايا والاحلام ؟ حتى نعرف الاجابة لابد ان نختبر ميزان القوى على الأرض لا سيما
بعد الاباتشي الامريكية المصحوبة بابداء القلق ( يا عيني ) من الانتهاكات المستمرة
لحقوق الانسان في مصر ورغبة طنط امريكا الاكيده والدائمة في دعم المسمار
الديمقراطي ، عفوا المسار الديمقراطي !!!
اذن دعونا نرصد
احداث الايام القليلة الماضية لمحاولة معرفة اتجاه ميزان القوى الحقيقي على الارض يسير
في اي اتجاه حتى نتوقع ان كان مازال في جعبة السيسي المزيد الذي ينتظر الفرصة
المواتية للافصاح عنه ، ويجب ألا ننسى انه يوم 6 اكتوبر الماضي تساءل وبراءه
الاطفال في عينيه كالمعتاد ان كان شعبه من المفوضين يرغبون في ان يمتد التفويض
ايضا ليشمل الدول العربية !!! .
قبل ايام فاجأنا المؤقت عدلي منصور بقرار يحصن قرارات
الحكومة ضد الطعن من طرف ثالث ، وحين تتعامل مع حكومة هي صورة فجه من حكومات مبارك
التي باعت الغاز الى الصهاينة بابخث الاثمان ولمدة طويلة وتركتنا نُصارع انقطاع
الكهرباء المتكرر في الشتاء والصيف وذلك كله كان قبل ان تُحصن العقود الحكومية ،
فبالطبع يجب ان نتوقع انه ربما نباع اليوم بعد هذا القرار بشحمنا ولحمنا للصهاينة وفي
افضل الظروف يُباع ابناؤنا - يجب ان نفكر كذلك بالطبع – فاعلامنا الرائع لم يفكر
طوال الشهور الماضية في توجيه اللوم لمن باع الغاز واكتفى باستضافة الوزير الذي
بشرنا باستمرار أزمة انقطاع الكهرباء حتى 2018 لحين تدبير الطاقة وكأننا في القرون الوسطى أو
في استخدام الفحم بديلا عن الغاز ، يال سخافتهم !!!
قرار المؤقت منصور من شأنه اضافة شريحة جديدة من رافضي
الانقلاب الى الحراك الثوري ، ولكن هذا لم يمنع السيسي من اتخاذ هكذا قرار ، وهذا
يدل انه ما عاد يخشى الحراك الثوري دون شك !! .
ثم خرج علينا القيادي الاخواني جمال حشمت بتصريح لا ريب
فيه يؤكد ان الاخوان على استعداد للتراجع خطوة للخلف ، اي ان الاخوان باتوا الآن
مستعدين للتنازل عن مرسي ، ولو قارنا هذا التصريح بكلمات بديع بعد ايام من
الانقلاب والتي قال فيها : كل الملايين ستبقى في الميادين حتى تحمل رئيسها المنتخب
على الاعناق .
لو قارنا بين التصريحيين وبينهما عشرة اشهر لادركنا
تغييرا اكيدا في موازين القوى على الارض ، فلو كان جمال حشمت يشعر بتقدم على الارض
ما كان ليقدم هذا التنازل الهام والاستراتيجي بالمجان !! .
ثم جاء قرار احالة اوراق بديع الى المفتي بعد تصريح جمال
حشمت بيومين وفي نفس اليوم كان قرار اعتبار حركة 6 ابريل حركة محظورة ، ولا ننسى
ان حركة 6 ابريل شاركت في 30 يونيو .
اذن نستطيع ان نُجزم بدرجة ثقة كبيرة ان السيسي ماعاد يُعير
الحراك الشعبي اهتماما ، وانه بات يظن ان في استطاعته احتوائه والسيطرة عليه
وامتصاص آثاره المتوقعة ، وان الفرصة باتت مواتية الآن لتوجيه الضربات الساحقة لكل
الخصوم ، في مصر وغزة ، وحديثا شرق ليبيا .
لا يظن احد ان هذه العبارات ابواق انهزام مغلفة باحاسيس
اليأس والتشاؤم ، فأنا اقرأ مثلكم قول الله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم "
حَتَّىٰ إِذَا
اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا
فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ "
واقرأ ايضا قوله تعالى
: " فَلَمّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ
مُوسَىَ إِنّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلاّ إِنّ مَعِيَ رَبّي سَيَهْدِينِ *
فَأَوْحَيْنَآ إِلَىَ مُوسَىَ أَنِ اضْرِب بّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ
كُلّ فِرْقٍ كَالطّوْدِ الْعَظِيمِ "
وأقرا كذلك " يا بني اذهبوا
فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون "
ولكن اولى خطوات النصر
هو معرفة موقعك من الاعراب السياسي ، والسياسة هي فن المناورة في استخدام القوة ،
اي ان القوة هي الاساس في التجربة الانسانية كلها ، والشعب ما زال يُلبي دعوات
التحالف ، مازال ينزل الى الشارع مكابدا الغاز والخرطوش والرصاص الحي ،
والاعتقالات في احسن الظروف التي تشهد انتهاكات يشيب لها الولدان ، الشعب مازال
يلبي ويقدم التضحيات لأكثر من خمسين اسبوعا ، واظن ان من حقه ان يسأل : هل يقوم
التحالف بمراجعة خططه ؟ هل يجلس لتدراك اخطاءه وتقييم موقعه ؟ ام ان اسهامه الوحيد
عبارات انشائية يراها بليغة توجه للاتباع فيلبون بحق البيعة وللثوار الاحرار الذين
يُلبون لوحدة الهدف والحلم .
القرارات الأخيرة تكشف
انكم مهزومون تكتيكيا يا سادة ، وان خصمكم لا يخشى منكم بأسا ، وان كان الموت في
سبيل الله اسمى امانيكم ، فالموت في سبيل الله لا يتحقق الا ان كان بخطة وهدف
تحقيق الخير والعدل ومقاومة الظلم مقاومة حقيقية بلا رياء أو دخن على الارض التي خلقنا الله كي نعمرها مستظلين بكلماته كلها
، غير ذلك الانتحار السفيه الغير مأسوف عليه .
وأخيرا ،، ما خاب من
استشار يا دعاة الشورى
حسام الغمري