الثلاثاء، 29 أبريل 2014

القاريء الوديع في قرار اعدام المُرشد بديع


كنت اتفهم تصريحات اعضاء التحالف الوطني لدعم الشرعية طوال الشهور الماضية من عينة : الداخلية مُرهقة .. الانقلاب مُحاصر داخليا وخارجيا .. شرفاء الجيش غاضبون وسيتحركون قريبا .
وهكذا دائما الصراعات الكبرى تكون مصحوبة بتصريحات تخدم اهداف الحرب النفسية التي من شأنها النيل من عزيمة الخصوم ، وبث الامل في نفوس الانصار ، ولكن اذا اردت تحليل ما يجري على الارض فعليك تجاهل كل هذه التصريحات مؤقتا ومراقبة تطور الاحداث مع ربط كل قرار يأخذه اي طرف من طرفي الصراع بالتوقيت الذي يصدر فيه مع وضع سؤال : هل كان يمكن ان يصدر هذا القرار من هذا الطرف قبل فترة من الزمن ؟ ولكي نبدأ في مداعبة خيال القاريء العزيز لاثارة الاذهان دعونا نتساءل : هل كان السيسي يستطيع ان يُظهر رغبته في رئاسة مصر في يوليو 2013  بعد عزل مرسي مباشرة أم كان عليه ان ينتظر تهيئة الارض لاستقبال هذا القرار الذي أُعلن في ذكرى توقيع معاهدة كامب ديفيد المشبوهه وبالحلة العسكرية المصرية منبع الوطنية كما يقولون ؟ والاجابة الكيدة انه بالطبع ما كان السيسي المُسرب عنه دائما يجروء على اظهار نيته الحقيقية الا بعد تهيئة المسرح ، والسؤال الطبيعي والتلقائي الآن ، هل كل نوايا السيسي اتضحت ، ام ان هناك في جعبته المزيد من النوايا والاحلام ؟ حتى نعرف الاجابة لابد ان نختبر ميزان القوى على الأرض لا سيما بعد الاباتشي الامريكية المصحوبة بابداء القلق ( يا عيني ) من الانتهاكات المستمرة لحقوق الانسان في مصر ورغبة طنط امريكا الاكيده والدائمة في دعم المسمار الديمقراطي ، عفوا المسار الديمقراطي !!!
 اذن دعونا نرصد احداث الايام القليلة الماضية لمحاولة معرفة اتجاه ميزان القوى الحقيقي على الارض يسير في اي اتجاه حتى نتوقع ان كان مازال في جعبة السيسي المزيد الذي ينتظر الفرصة المواتية للافصاح عنه ، ويجب ألا ننسى انه يوم 6 اكتوبر الماضي تساءل وبراءه الاطفال في عينيه كالمعتاد ان كان شعبه من المفوضين يرغبون في ان يمتد التفويض ايضا ليشمل الدول العربية !!! .
قبل ايام فاجأنا المؤقت عدلي منصور بقرار يحصن قرارات الحكومة ضد الطعن من طرف ثالث ، وحين تتعامل مع حكومة هي صورة فجه من حكومات مبارك التي باعت الغاز الى الصهاينة بابخث الاثمان ولمدة طويلة وتركتنا نُصارع انقطاع الكهرباء المتكرر في الشتاء والصيف وذلك كله كان قبل ان تُحصن العقود الحكومية ، فبالطبع يجب ان نتوقع انه ربما نباع اليوم بعد هذا القرار بشحمنا ولحمنا للصهاينة وفي افضل الظروف يُباع ابناؤنا - يجب ان نفكر كذلك بالطبع – فاعلامنا الرائع لم يفكر طوال الشهور الماضية في توجيه اللوم لمن باع الغاز واكتفى باستضافة الوزير الذي بشرنا باستمرار أزمة انقطاع الكهرباء حتى 2018  لحين تدبير الطاقة وكأننا في القرون الوسطى أو في استخدام الفحم بديلا عن الغاز ، يال سخافتهم !!!
قرار المؤقت منصور من شأنه اضافة شريحة جديدة من رافضي الانقلاب الى الحراك الثوري ، ولكن هذا لم يمنع السيسي من اتخاذ هكذا قرار ، وهذا يدل انه ما عاد يخشى الحراك الثوري دون شك !! .
ثم خرج علينا القيادي الاخواني جمال حشمت بتصريح لا ريب فيه يؤكد ان الاخوان على استعداد للتراجع خطوة للخلف ، اي ان الاخوان باتوا الآن مستعدين للتنازل عن مرسي ، ولو قارنا هذا التصريح بكلمات بديع بعد ايام من الانقلاب والتي قال فيها : كل الملايين ستبقى في الميادين حتى تحمل رئيسها المنتخب على الاعناق .
لو قارنا بين التصريحيين وبينهما عشرة اشهر لادركنا تغييرا اكيدا في موازين القوى على الارض ، فلو كان جمال حشمت يشعر بتقدم على الارض ما كان ليقدم هذا التنازل الهام والاستراتيجي بالمجان !! .
ثم جاء قرار احالة اوراق بديع الى المفتي بعد تصريح جمال حشمت بيومين وفي نفس اليوم كان قرار اعتبار حركة 6 ابريل حركة محظورة ، ولا ننسى ان حركة 6 ابريل شاركت في 30 يونيو .
اذن نستطيع ان نُجزم بدرجة ثقة كبيرة ان السيسي ماعاد يُعير الحراك الشعبي اهتماما ، وانه بات يظن ان في استطاعته احتوائه والسيطرة عليه وامتصاص آثاره المتوقعة ، وان الفرصة باتت مواتية الآن لتوجيه الضربات الساحقة لكل الخصوم ، في مصر وغزة ، وحديثا شرق ليبيا .
لا يظن احد ان هذه العبارات ابواق انهزام مغلفة باحاسيس اليأس والتشاؤم ، فأنا اقرأ مثلكم قول الله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم " حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ "
واقرأ ايضا قوله تعالى : " فَلَمّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىَ إِنّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلاّ إِنّ مَعِيَ رَبّي سَيَهْدِينِ * فَأَوْحَيْنَآ إِلَىَ مُوسَىَ أَنِ اضْرِب بّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلّ فِرْقٍ كَالطّوْدِ الْعَظِيمِ
وأقرا كذلك "  يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون "
ولكن اولى خطوات النصر هو معرفة موقعك من الاعراب السياسي ، والسياسة هي فن المناورة في استخدام القوة ، اي ان القوة هي الاساس في التجربة الانسانية كلها ، والشعب ما زال يُلبي دعوات التحالف ، مازال ينزل الى الشارع مكابدا الغاز والخرطوش والرصاص الحي ، والاعتقالات في احسن الظروف التي تشهد انتهاكات يشيب لها الولدان ، الشعب مازال يلبي ويقدم التضحيات لأكثر من خمسين اسبوعا ، واظن ان من حقه ان يسأل : هل يقوم التحالف بمراجعة خططه ؟ هل يجلس لتدراك اخطاءه وتقييم موقعه ؟ ام ان اسهامه الوحيد عبارات انشائية يراها بليغة توجه للاتباع فيلبون بحق البيعة وللثوار الاحرار الذين يُلبون لوحدة الهدف والحلم .
القرارات الأخيرة تكشف انكم مهزومون تكتيكيا يا سادة ، وان خصمكم لا يخشى منكم بأسا ، وان كان الموت في سبيل الله اسمى امانيكم ، فالموت في سبيل الله لا يتحقق الا ان كان بخطة وهدف تحقيق الخير والعدل ومقاومة الظلم مقاومة حقيقية بلا رياء أو دخن على الارض  التي خلقنا الله كي نعمرها مستظلين بكلماته كلها ، غير ذلك الانتحار السفيه الغير مأسوف عليه .
وأخيرا ،، ما خاب من استشار يا دعاة الشورى

حسام الغمري



الأحد، 27 أبريل 2014

هل يعرف تحالف دعم الشرعية لعبة الشطرنج ؟!!



" لو كان السادات قد طلب مني اي شيء مقابل طرد الخبراء الروس لأعطيته ولكنها السياسة التي تجعلك لا تدفع ثمن شيء حصلت عليه بالفعل "

هذه العباره لليهودي داهية السياسة الخارجية الامريكية ومستشارها الدائم للأمن القومي هنري كسينجر ، وهي برغم بساطتها تصحبك مباشرة الى اهم اسرار عالم السياسة ومفاتيح فهمها وسبر اغوارها ، بالطبع هو قالها بعدما قام الرئيس السادات بطرد الخبراء الروس فجأة بعد ايام من لقائه  مع كمال ادهم رئيس مخابرات آل سعود في ذلك الوقت ، المهم ان هذه الخطوة كانت انتصارا هائلا للسياسة الاميركية لم تدفع شيء مقابل الحصول عليه ، لانها ببساطة حصلت عليه بالمجان !!

ولعبة الشطرنج مرتبطة تاريخيا بالسياسة والسياسيين ، بل ان اشهر خططها عند العامة تسمى خطة نابليون ، وهي وان كانت شديدة البدائية بالنسبة لمن قرأ في فنون لعبه الشطرنج ومارسها باحترافية ، الا انها تشير بوضوح الى الرابط بين اللعبة وعالم السياسة ، فالشطرنج صراع بين ارادتين ، صراع غير عادل لان اللاعب الابيض له اسبقية النقله الأولى اي اسبقية توجيه قواته لضرب الخصم ، ودعونا نتخيل مثلا ان هذا ما فعله السيسي يوم 3 يوليو بعزله لاول رئيس مصري منتخب ، وبالتالي يكون دور اللاعب الاسود هو الدفاع لامتصاص تأثير هذه النقله ومن ثم التهيؤ للهجوم ، وبالتالي يجب ان تكون نقلات اللاعب الاسود بالضرورة ثنائية الغرض دفاعا وهجوما او على الاقل تمهيد للهجوم .

اتفق كافة فقهاء لعبة الشطرنج ان المربعات الاربعة التي تكون في وسط الرقعه هم الاكثر اهمية على الاطلاق ، بأهمية عاصمة الدول مثلا ، لذا فإن اللاعب الذي يسيطر على وسط الرقعة اولا بالضرورة يكون هو الفائز ، لذا كانت افتتاحيات الشطرنج التقليدية تدفع ببيدق " عسكري " الملك خطوتين للامام ، أو بيدق عسكري الوزير هكذا لاحتلال وسط الرقعة مباشرة .

ثم تطور فكر فقهاء هذه اللعبة الرائعة بعدما وجدوا ان الاسراع في احتلال وسط الرقعة يجعل قطعك هناك معرضه للتكسير وهي التي لا يمكن تعويضها حسب قوانين اللعبة ، فوجدوا ان التفكير الانضج هو الضغط على وسط الرقعة من بعيد بحيث انك اذا ما وضعت قطعه بعد ذلك في وسط الرقعه لا يستطيع الخصم تكسيرها لان هناك قطعا في الخلف تحميها ومستعده ان تحل محلها حال تكسيرها ، فاصبحت الافتتاحيات الجديدة ، حصان 3 فيل ملك ، حصان 3 فيل وزير .. وهكذا ...

وهناك ثلاثة أمور في غاية الاهمية يجب على اي لاعب شطرنج ادراكهما ، الامر الاول وهو امر بديهي يختص بالوزن النسبي للقطع ، اي ان الحصان اهم من البيدق ، والرخ اهم من الحصان ، والحصان يتساوى في الاهمية مع الفيل في بعض المواقف ، وفي مواقف اخرى يكون للفيل اهمية مطلقة ، والوزير اهم القطع جميعا والكل مسخرون لحماية الملك – الهدف – ثم تحطيم جيش الخصم والقضاء على ملكه .

والأمر الثاني البالغ الاهمية الذي يميز لاعب عن آخر ، وكم من الادوار في البطولات العالمية نجد ان لاعبا قد استسلم دون ان يكون قد خسر قطعة واحده ولكنه ادرك انه خسر عنصر هاما شديد التأثير ، الا وهو عنصر الوقت ، وبالتالي باتت هزيمته مؤكده ولا مجال لاستمرار اللعب حتى وان كان جيشه كاملا .

ولشرح عنصر الوقت في لعبة الشطرنج دعونا نقول انه للحصول على قطعة من جيش الخصم يجب ان يكون حشدك في مواجهة المربع الذي تقف عليه هذه القطعة اكبر من حشد خصمك ، فللحصول مثلا على بيدق يحميه حصان يجب عليك ان تهاجمه ببيدق وحصان وفيل مثلا ، فيسقط هذا البيدق بالمجان فيحدث لك التفوق ، ولا يستطيع اي لاعب الوصول الى هذا الموقف الايجابي الا حين تكون جميع نقلاته مباشرة صوب الهدف الذي حدده لنفسه ووفقا للخطه ، فالنقله الواحده التي لا تخدم الخطة تجعلك خاسرا للوقت وتمنح خصمك التفوق رغم ان قطعك كلها مازالت فوق الرقعة ، ولكنك حركت احداها حركة على الاقل بلهاء لا تشكل اي ضغطا على خصمك فتكون قد خسرت بسبب اضاعتك للوقت في مقابل تحركات خصمك التي تخدم خطته مباشرة فيسطر بسرعة على المربعات الهامة في الرقعة فتتهاوى بعدها قطع مضيع الوقت هذا فيصبح الطريق الى ملكه مفتوحا ، بالطبع كما حدث لمرسي يوم 3 يوليو حيث كان الحشد ضده اسبق من حشده الذي جاء متآخرا جدا وغير فعال فلم يستطع انقاذه .

اذن الهدف الاساسي الاولى لتحركات اي لاعب شطرنج محترف هو الضغط على وسط الرقعة وبعدها اختيار من اي الجناحين سيهاجم ، جناح الملك ام جناح الوزير ، ولاعب الشطرنج البارع يدرك ان الهجوم الفاشل يعني نهايته ، وهكذا يمكن ان يخسر اللاعب الابيض على الرغم من انه هو الذي بدأ هجومه عن طريق دفع احدى قطعه للضغط على وسط الرقعه كما شرحنا ، واللاعب الاسود البارع يدرك ايضا انه اذا خسر وقتا اثناء هجومه المضاد عن طريق حشد القطع ببطء أو في الجناح الخاطيء او حشدها بحيث لا تشكل اي ضغط حقيقي على اللاعب الابيض ، او حتى تشكل عليه ضغطا ولكن يمكن احتماله أو الصبر عليه ، فهو مهزوم لا محاله ، ولا عذر لللاعب الاسود الغبي الذي سنحت له فرصة قراءة خطة خصمه اللاعب الابيض من نقلته الاولى الذي بدأ بها ، فبات مكشوف الهدف والوسائل .

اي ان لعبة الشطرنج تعتمد على حشد القطع حشدا ايجابيا في اسرع وقت ممكن ، بمعنى اقل عدد من النقلات لتشكل ضغطا على الخصم لا يمكنه احتماله ، وفي هذه الحالة تبدأ مفاوضات التسليم ، وان كابر فانه يعاقب بــ " كش مات " ، ويجب في هذا الصدد الا نغفل النقطة الثالثة الهامة في لعبة الشطرنج وهي المناورة ، فان كنت تنوي الهجوم مثلا من جناح الوزير فيجب ان تحشد قطعك بالمرونه والذكاء التي تجعل خصمك لا يستطيع تحديد مكان هجوم الكبير على وجه اليقين ، وايضا تُمكن قطعك المهاجمة من الانتقال بسولة ويسر من جناح لآخر لاستغلال نقطة ضعف جديدة تظهر ، او لخلق ضغوطات جديدة على الخصم ، او لوقف هجومه المضاد في الاتجاه المعاكس ان هو قرر صد الهجوم بهجوم .

ووقفا لمقولة كسينجر التي بدأت بها هذا المقال ، فمن الغباء ان يتوقع اللاعب الاسود من اللاعب الابيض ان يبدأ معه مفاوضات التسليم دون ان يكون قد وجد ضغطا لا يحتمل او فقد قطعا كبيرة تخل بميزان القوى لديه ، ولا يمكن ابدا للعب الابيض ان يعوضك وقتا منحته اياه بالمجان بسبب سوء اختياراتك وغباء  قراراتك .

وبعد هذا الاستعراض الذي ارجوا الا يكون مُملا بتوفيق من الله لقارئي العزيز ، فهلا تساءلتم معي بعد قراءة وتحليل الاوضاع في مصر ان كان تحالف دعم الشرعية يعرف شيئا عن لعبة الشطرنج ؟  

حسام الغمري




الأربعاء، 23 أبريل 2014

جنرال السراير


قبل اربعة عشر عاما كنت احضر تصوير مسلسل " بكير بياع الفطير " بطولة الرائع الراحل عبد المنعم مدبولي بصفتي كاتب السيناريو والحوار ، ولأن احداث العمل كانت تدور اثناء حكم المماليك فان شركة صوت القاهرة التي انتجت هذا العمل تعاقدت مع ماكيير شهير لاتمامه ، ولأن الكاتب اذا حضر التصوير يصبح هو الشخص الوحيد الموجود في اللوكيشن بدون عمل تقريبا فانني كنت امارس هواية النميمة مع معظم العناصر الهامة املا مني في اختراق هذا العالم السحري وقد كنت اتوق كثيرا الي ذلك حينها ، ولان قصص النجمات الكبار هي الأكثر صخبا فلقد بدأت بها في بداية جلسة النميمة الأولى مع هذا الماكيير ، واذكر اليوم كيف حكي لي انه اثناء وضعه المكياج لنجمة كبيره اشتهرت بذللات اللسان وهي ليست فخرا للدين دون شك وبجوارها كانت نجمة اخرى من نفس جيلها ذات وجه يبدوا طاهرا في احدى الاعمال التي جمعتهما كيف روت النجمة الاولى قصص استغلالها جنسيا من رئيس المخابرات صلاح نصر ورجاله مع عرب وعجم ، وان كافة بنات جيلها صنعن مثل صنيعها اللهم الا فاتن حمامة التي هربت الى لندن حين طلب منها ذلك ، والمطربة شادية التي استنجدت بالصحفي مصطفى امين فاجرى اتصال نجاها من ذلك المصير المأفون ، واستمرت هذه الممثلة الكبيرة في الشرح باستفاضة اثناء وضع المكياج حتى صاحت الممثلة الاخرى في وجهها قائلة : كفاية بقى فضحتينا
كنت استمع الى هذه التفاصيل في ذهول ، وحين بدت على وجههي الدهشة كأي شاب من اصول شرقاوية ، سألني هذا الماكيير قائلا : انت مقريتش كتاب اعتماد خورشيد وللا ايه ؟
على الفور ابتعت كتاب اعترافات اعتماد خورشيد وقراته واستوقني كيف ان بطل العروبة المزعوم جمال عبد الناصر قد التقى بها ليمنحها ثقة الادلاء بشهادتها امام محكمة خاصة انشأت لمعاقبة جنرالات خصمة المشير عامر بعد حقيقة 5 يونيو 1967 الكاشفة لحكم العسكر ، وعندها تساءلات في نفسي : الم يكن يعلم زعيمنا المُفدى بهذه الانتهاكات الصارخة لاعراض بناتنا ، واي نصر كان هؤلاء يتوقعونه باستخدام هذه الوسائل القذرة ، حتى وان جاء النصر ، هل سيشعرون بفخر واعتزاز ، ام ان قيم الشرف والاخلاق والدين لا تشغل بآل هؤلاء .
نجى من تصفية عبد الناصر لهذه المجموعة وقتها جنرالا كان يدعى موافي ، ولم يعد سرا انه نفسه صفوت الشريف الذي وجد طريقا ومجالا اثناء حكم السادات ومن بعده حكم خليفته مبارك ، ولعلنا نذكر مقولته الشهيرة ليلة جمعة الغضب : سنبقى واقفين ، شامخين ، محتضنين مطالب الشباب .
من مخابرات صلاح نصر الى اعلام حسني مبارك ، ومئات القصص كنا نسمعها همسا داخل مبني ماسبيرو الذي دخلته بتصريح عمل لمده شهر عام 95 لأول مره ، عن مذيعة قُدمت لفلان ، وعن ممثلة قفزت فجأه لدور البطولة في اعمال رمضان بعدما قدمها الوزير لعلان ، قصة بعد قصة اصابوني جميعا بالغثيان حتى وصفت مبني ماسبيرو وقتها بصفيحة القمامة المقلوبة ، هكذا شعرت به .
جميعنا كان يعلم انه ان نجا احد من انتفاضة يناير 2011 فسيكون هذا الموافي لما يمتلكه من فضائح مصوره تدين ساستنا الاشاوس في امتنا المكلومة .
ثم هبطت علينا الراقصة سما المصري فجأه بقصة مخابراتية الطراز لعلكم تذكرونها ، هي قصة زواجها العرفي من البلكيمي رجل الدين الذي صار نائبا للشعب بعد الثورة ، كنت ادرك يقينا ان التيار الاسلامي مُخترق مخابراتيا دون شك ، وان البلكيمي صاحب فضيحة الانف التي خضعت لعملية تجميل ، والآخر الذي رفع الآذان اثناء احدى الجلسات – بالمناسبة ، اين هو الآن ذلك الرجل ام ان دوره انتهى ، اين حميته على الدين التي جعلته يرفع الآذان اثناء انعقاد الجلسة – ولعل دورهما كان بث سؤال واحد  داخل نفوس الشعب الذي انتخبهم وتوسم فيهم خيرا بعد كل ما عاناه طوال عقود حكم العسكر ، هذا السؤال هو : بقى هما دول اللي كنا فاكرينهم بتوع ربنا .
المهم ان الخطة نجحت وباتت سما المصري اشهر من نار على علم كما يقال ، وبدأ توظيف شهرتها سياسيا في النيل من خصوم حكم العسكر عملا بالمثل الشعبي القائل : عاوز تهزأ راجل سلط عليه واحده ست .
نعم هكذا يفكرون ، نعم تلك هي افكارهم ومحتواهم الثقافي ولا تندهش عزيزي القاريء ، فالادارة الهندسية التي تبنت تحطيم الساتر الترابي يوما بخراطيم مياة اذهلت العالم تتبنى اليوم عبد العاطي كفته وكانوا يظنونه سينجح في اقناعنا ببطولاتهم الجديدة وفتوحاتهم المديدة .
ولكن يبدوا ان الراقصة سما المصري قررت ان تجود في عملها مرتجلة للنيل من مرتضى لمصلحة السيسي ، غاب عن فطنتها ان مرتضى هو الآخر جزء من الاستربتيز الرئاسي ، فتفوهت ضده بما يفضحه ، ولكن ربما فعلت ما هو اكبر ، فالراقصة ذكرت اسم شيخة كويتية اخبرتها – كما ادعت – بما لا يجهله مواطن عربي عن سيرة بعض الشيوخ ، ولا حول ولا قوة الا بالله .
فذهبت سما ضحية جنرالا ربما برتبه اكبر من ذاك الذي كان يُديرها ، او ربما جهاز آخر أقوى من الجهاز الذي كانت تعمل لحسابه ، لست ادرى اين الحقيقة ولا ادعى ابدا اني اعرفها كاملة .
والآن جاءت فضيحة كاراتية المحلة تلك المدينة الصغيرة الريفية الطابع ، والتي تضعنا امام تساؤل ، هل ما خفي في القاهرة الكبيرة كان اعظم ؟ هل هذا عمل لهاو ام انه تخطيط محترف لعمل ما كانوا يسمونه في عهد صلاح نصر " كونترول "
ربما الايام ستجيب على كل هذه الاسئلة كما عودتنا !!
وقبل ان اغادر عزيزي القاريء اتركك لتتذكر النفوذ الواسع الذي تمتعت به راقصة شهيرة مثالية في نهايات القرن الماضي وقدرة كبيرة كانت لديها في البطش باعدائها وكان الوسط الفني كله يخاف منها يتحاشى غضبها ، وقد حكت هذه الراقصة علنا انها قدمت رقصة خاصة لرئيس اسرائيلي زار مصر في السبعينات اثناء مباحثات السلام .
واخيرا ،،
عنوان هذا المقال مُقتبس من جملة جاءت على لسان يوسف شعبان من فيلم " كشف المستور "
فامتلئوا سؤددا ايها المناصرين لحكم العسكر وغنوا أكثر ، تسلم ......... الايادي

حسام الغمري


الخميس، 10 أبريل 2014

اتصال بقناة الجزيرة لا يمكن نسيانه


كنت اتابع تغطية قناة الجزيرة لاحداث الحادي عشر من سبتمبر كملايين العرب وكيف حولت الميديا الشيخ اسامة بن لادن لقائد عسكري اكثر دهاء من ماك ارثر ومونتجومري معا ، وكيف استطاع الشباب العربي بعد دورة هواة في الطيران لم تتجاوز الثلاثة اشهر ان يقود البوينج ويعدل مسارها لترتطم ببرج التجارة الذي يبدو من السماء " كإبرة رفيعة " وسط محيط من الامواج ، ولكنه حقد " الارهاب " الذي يمكن ان ينهي حياة آلاف المدنيين المُستأمنين في لحظات ، أو هكذا ارادوا تصوير الحادث .
لاحظت ايضا كيف خرج شارون بعد دقائق معدوده يعزي الشعب الاميركي ويقول ببلاغة عُرفت عنه في هكذا مواقف : ان الذي تواجهونه اليوم ايها الاميركيين يشبه تماما ما نواجهه في اسرائيل لان عدونا واحد هو عدو للحضارة والانسانية والمدنية والتطور !!!
تعجت كيف تستطيع السياسة والميديا تحويل القاتل الى ضحية والضحية الى ارهابي ، كيف تشكوا اميركا التي امدت اسرائيل بالفانتوم الذي قتل اطفالنا في مدرسة بحر البقر الابتدائية من ظلم وقسوة المتشددين العرب ، كيف تشكوا اميركا التي انشأت جسر جوى امد اسرائيل باسلحة لم تكن معرفة – كالصاروخ تو المضاد للدروع – لتهبط في مطار العريش مباشرة بغية تغيير ميزان القوى الذي اختل لصالح الجيش المصري بعد عبور 73 ، ومن قبلهما كيف وفر الاسطول السادس الاميركي في البحر المتوسط غطاء جويا لاسرائيل التي انطلقت طائراتها لتدمير مطاراتنا في ساعات من نهار 5 يونيو الاسود ، والادهى من ذلك ، كيف يحول الاعلام القذر اسرائيل اللعينة الى ضحية مكلومة وسط براثن الذئاب العرب المسلمين .
ثم جاءت مكالمة من رجل اعمال مصري غاضب مقيم في امريكا ببرنامج خُصص لتلقي الاتصالات التي تستعرض الآراء المختلفة ، كانت عباراته بسيطه وحادة ومباشرة ، قال ان له جار اميركي في العقد السابع من مره وكانت علاقته معه تقتصر على القاء التحيه كلما تقابلت سيارتاهما بالصدفة عند الدخول الى المنزل او مغادرته ، واذا به فجأه يطرق الباب ليسأله على استحياء ان كانت دعوة النبي محمد تحث اتباعه على القيام باعمال ارهابية كما حدث في الحادي عشر من سبتمر ، لم يكن لدي وقت للرد عليه – هكذا يقول المصري المتصل – ولكني ذهبت الى مكتبة الفيديو الخاصة بي واحضرت له فيلما الرسالة وعمر المختار للمخرج السوري مصطفى العقاد وطلبت منه ان يشاهدهما ، وبعد ثلاثة ايام اعادهما لي وهو يعتذر انه قام بنسخ الفيلمين على شرائط خاصة به ، وبعد اربعين يوما فقط اشهر هذا العجوز الاميركي اسلامه وكذلك فعلت زوجته المُسنه وقد درسا الاسلام ، فلو ان امتنا انجبت عشرة مثل المخرج السوري مصطفى العقاد لتغيرت نظرة العالم لنا – هكذا قال المتصل المصري بحده قبل ان ينقطع الاتصال مع قناة الجزيرة –
وحين اتامل واقعنا الآن في مصر اجد المصلين يقتلون والمساجد تحرق ، والمعتصمين تفجر رءوسهم ثم يحرقون والبنات والشباب في المعتقالات يغتصبون ثم يسمى الرافض لكل هذا " ارهابي " !!! يسمى المقتول او المغتصب او المنادي بحقوقهما – ككاتب هذه السطور – بالارهابي ، بينما القاتل المتجرد من الآدميه وداعميه هم الاشاوس الابطال المدافعين عن المدنية والتقدم ومصر العريقة ، اي هراء واي لعبة قديمة لعبتها ماما اميركا تقلدون ، اللعبة التي نجد اصل لها في كتاب بروتوكولات حكماء صهيون الذي يتحدث عن امكانية التضحية ببعض اليهود لكسب تعاطف عالمي ومن ثم الحشد لمواجهة الاعداء وقد الصقنا التهمة بهم ، ام انكم مازلتم تعتقدون ان اسامة بن لادن وجماعته فعلا هم من خططوا ونفذوا ما حدث يوم 11 سبتمبر 2001 ؟ الم تتواتر الشاهدات ومنها ما خرج من افواه اعضاء سابقين في الــ CIA لتفضح مؤامرة 11 سبتمبر التي مكنت بوش من كسب تآييد داخلي وخارجي لحربه التي سماها بالصليبية الجديدة ؟
وتبقى قصة المصري المقيم في اميركا والتي استعيدها منبها كل اسلامي مخلص ادرك اخيرا ان الحق يحتاج الى وسيلة جيدة لايصاله الى البسطاء والعامة واكثرهم من المخدعوين ، ماذا كنتم تتوقعون من امه تركت لكتاب الدراما في التليفزيون والسينما ومعظمهم من الموالين للسلطات العلمانية كي يمرروا اسلوب حياة لاهي تنافسي مهموم بالشهوات الحسية والمغامرات التي تحقق للبطل الشعبي ثراءه ومتعته برفقة الراقصة الجميلة والاغنية ذات البهجة ، تركتوهم ترفعا والآن تستصرخوهم استجداء ان ينضموا معكم وينصركم لانكم على الحق ، وكثيرا ما اتساءل في نفسي ، ألم نتعلم ان القرآن الكريم جاء متحديا العرب في الفصاحة والبلاغة وكانوا يشتهرون بهما ؟ ألم يرق قلب عمر بن الخطاب وقد كان فظا غليظا لبضعة ايات من سورة طه ذات الجرس الموسيقى الناعم والرشيق والآيات القصيرة ذات الايقاع المتدفق والمعاني العميقه وكلها من الضوابط الفنية ؟
 نعم ترفعتم ولا اقول استكبرتم وتركتم الفن والاعلام ليفرغا الاسلام من مضمونه في قلوب المسلين ، حتى تقاليدنا العربية الاصيلة من شهامة ونجده واحترام للمرأة غابت بسبب ما فرطتم فيه ، ولعلها فرصة لتعلم الدرس وتدارك ما فات .


حسام الغمري 

الخميس، 3 أبريل 2014

الهاشتاجيون ... من يكونوا ؟



بعدما صار الهاشتاج المُسيء للسيسي امرا واقعا تُقره ارادة ملايين البشر الذين يتفاعلون يوميا مع هذا الهاشتاج ، فدعونا نتفق على وصف الثابتون على دعم السيسي رغم كل ما كان وما يتوقع ان يكون ، رغم دماء الطالب والشرطي ، رغم انتهاك عرض الفتاة والشاب ، دعونا نصفهم بالهشتاجيين .
ولكي نتعرف على هؤلاء الناس دعونا نبحر قليلا صوب الماضي ونتوقف عند حقيقة 5 يونيو 67 التي كشفت نكسة الأمة في عسكرها لنجد ان الهزيمة المدوية قسمت المجتمع الى قسمين ، قسم رفض الهزيمة واعلن اصراره الصمود و الحرب لتحرير الارض ، هذا القسم استحضر الدين الذي حاول عبد الناصر واجهزته تغييبه ، فعاد الحجاب الى الظهور في شوارع مصر ، وكلنا شاهدنا صور امهاتنا في فترة الستينات وادركنا حجم وملامح التغرييب التي كانت تعكسها ملابسهن في تلك الحقبة الضاله ، اما القسم الآخر من المجتمع فنالت منه هذه الهزية النكراء ، وافزعته الفجوة الحضارية والتكنولوجية بيننا وبين الغرب ، فقرر التماهي مع قشور الثقافة الغربية كحيلة من حيل الدفاع عن النفس واحتواء قسوة الهزيمة ، فاصبح يحيي ليسمتع وليمكن اولاده من ثروات البلاد ليجنبهم اي ألم قد يحدثه الزود عن المقدسات بانكارها او في اقل تقدير تجاهل ندائها ، ولعلنا نعلم ان وزير الخارجية المصري نبيل فهمي ليس الا احد الشباب الذين ساعدهم آباؤهم ذوي النفوذ في الهروب من الخدمة في جيش مصر المنكوس ، ومثله بالطبع الكثيرون .
حرب أكتوبر لم تستطع ان تشفي جراح 67 ، بل دعونا نقول انها ساهمت في دفع البعض دفعا الى السأم من فكرة تحقيق انتصار جاد على اليهود ، فها هي البلد التي منعت اي صوت من ان يعلوا فوق صوت المعركة وبعد ست سنوات كاملة من الصبر وتحمل المعاناة ترتمي في احضان امريكا وتستقبل الزعماء الصهاينة بحفاوة بالغة ودماء الشهداء مازلت تستصرخ فينا همة الكر من جديد كل ذلك كي تستعيد الارض بسيادة منقوصة .
استطاع السادات ان يستثمر هذا الشعور ببراعة ، ولعله جاء الى حكم مصر ليفعل بها هذا ، وظن قطاع واسع من المصريين انهم بصلح اليهود سيلتقطون انفاساهم وينهضوا بوطنهم ويرتقوا بالخدمات التي يمكن ان يحصلوا عليها كمواطنين وعدوا بالرخاء من بطل الحرب والسلام ، وجاء الانفتاح الاقتصادي المفاجيء ليمنح هؤلاء القاعدين عن الحرب فرصة تحقيق احلامهم المادية في الدنيا التي ابتغوها اكثر من اي قيمة روحية او دينية .
وكي يستطيع السادات اقناع اليهود بسلامه كان يتحتم عليه ان يبث في نفوسهم طمأنية بخصوص مستقبل الحكم في مصر ، فاختار اللواء الذي الغى الضربة الجوية الثانية بقرار منفرد ليحدث ما اُطلق عليه مذبحة الهليكوبتر التي كان من المفترض ان تنقل القوات الخاصة الى منطقة المضايق تحت حماية الضربة الجوية المُلغاه خلف خطوط العدو ، وليموت الآلاف من الجنود والضباط قبل ان يتمكنوا من الوصول الى النقطة التي كانت ستسقط تل ابيب عسكريا حال تمكنهم من الوصول اليها ، ولعل قرار السادات الغريب بتطوير الهجوم بعد ذلك للوصول الى منطقة المضايق المحمية طبيعيا يفسر اهمية هذا الخط عسكريا ، وكنا سنصل اليه في ساعات الحرب الاولى لولا حسني مبارك ، فابحثوا عن حقائق التاريخ لعلكم تُرحمون .
ودعوني اوجه دعوة الى كل من يشكك في هذه السطور ان يسأل نفسه ، لماذا تم اختيار مبارك ليكون نائبا لرئيس الجمهورية دون غيره من القادة الافذاذ الذين اذهلوا العالم مثل الشاذلي والجمسي وفهمي وغيرهم ، لماذا مبارك الذي تآمر على كل ما هو عربي ومسلم طوال ثلاثين عاما تلت من حكمه ، وها هي بغداد المكلومه باقية لتحكي مراره تآمره القديم .
اخبرني لواء سابق في مباحث امن الدولة ذات يوم انهم حين كان يُطلب منهم التحري عن 50 شخصية مثلا مرشحة لتولي حقيبة وزارية كان الضباط يراهنون انفسهم ان الاكثر فسادا وفق ما تضمنه التقارير التي اعدوها هو من سيؤدي القسم امام فخامة الرئيس مبارك ، ودائما يُشترط لتولي منصبا عاما في مصر ان يكون في حوزة  مباحث امن الدولة ما يدينك من مستندات او فيديوهات ، وان كان السادات قد تولي حكم مصر وتوجيهه الاستراتيجي فتح قناة السويس والاعتراف باسرائيل وتحقيق السلام معها ، فان توجيه مبارك الاستراتيجي - كان وفق اعتقادي – فقط اختر لهم الاسوأ .
ولتسألوا ضباط الجيش الكبار من اقاربكم عن اداء المشير طنطاوي اثناء قيادته لكتيبة المشاه 16 في حرب اكتوبر ، سلوهم علهم يجيبون .
ثم حدث الزواج والنسب طوال ثلاثين عاما من حكم مبارك بين ابناء وبنات الطبقة الاولى طبقة رجال الاعمال الانفتاحيين الذين ولدوا نفسيا من رحم هزيمة يونيو ، وطبقة كبار رجال الدولة الذين عينهم مبارك وفق محددات الفساد اللاديني واللاخلاقي كما شرح لي لواء امن الدولة السابق ، ثلاثون عاما جعلت هذه الطبقة سميكة ذات اشعاع بغيض يؤثر على صغار الموظفين ويمتد تأثيرها للبلهاء من عامة الشعب ، بابهارهم برغد العيش البادي عليهم فضلا عن النفوذ الكبير الذين تمتعوا به في دولة اللاقانون المباركية ولعلهم كانوا يستعيدون داخل نفوسهم الضعيفة الحكاية القديمة مُرددين " يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون انه لذو حظ عظيم " .
 وليس قيام العسكر باطلاق صراح رموز دولة مبارك " قضائيا " بعد انقلابهم علي مشروعها للتوريث ، الا انعكاسا لمدى ترابط هذه الطبقة وتماسكها عائليا وايضا ايدولوجيا .
ولا شك ان كنيسة الصليب في مصر كانت تراقب ذلك طول الوقت وتحرك بعض الخيوط من خلف الستار لتحقيق حلمهم القديم باستعادة مصر التي سلبها منهم الاسلام – كما يروجون - .
هذه الطبقة بتحالفاتها الصليبية تؤمن بأن السلام مع اسرائيل هو الضامن الوحيد لسلامة مليارتهم المتدفقه من ثروات مصر الى بنوك اوروبا وامريكا وكلاهما تأتمران بأمر اسرائيل وتتحركان وفق اجندتها ، هذه طبقة ايضا تؤمن ان الاسلام الصحيح هو وحده الذي يمكن ان يُزلزل عروشهم المالية والسياسية ، فالاسلام لا يقبل الضيم او التنازل عن المقدسات ، فالاسلام هو تسليم لارادة الله وحده وحاكميته على الارض ، وهو ايضا الرسالة ذات البريق الدائم الملهم القادر على استقطاب الانصار حتى من قلب اوروبا وامريكا لاتصاله بالارواح ذات الشئون العلوية المتجرده من دونيتهم الارضية المرتمية في حضن الشهوات ، لذا فحربه بالنسبة اليهم باهمية الخزانة الحديدية القديمة في حفظ الثروات .
لا شك ان اسرائيل تابعت آلاف المصريين وهم يسقطون علمها المرفرف فوق ضفاف النيل بمجرد سقوط شرطة مبارك في عام 2011، وبعد اول عمل استفزازي قامت به على الحدود ، بالطبع اسرائيل تابعت ذلك فتيقنت ان عقود طمس الهوية لم تؤت اؤكلها تماما ، وان حرية المصريين تعني بالضرورة مواجهتهم مباشرة في حرب لا يفضلونها لانهم ارادوا لنا الموت البطيء الذي لا يكلفهم سوى فاتورة كهرباء غرف التآمر العربية ، وفاتورة بعض العملاء من زعماء وعسكر واعلاميين ، لذا لم اندهش من خبر افتتاج اول ناد للعراة في مصر المكلومة ، ولا اندهش من مساحة الاباحية المتزايدة في الدراما المصرية ، وكم الملايين التي تدفع في بضاعة لا تُدر ربحا ماديا ، ولتخبروني بالله عليكم كيف تراجع انتاج كل شيء في مصر بعد انتفاضة يناير الا انتاج الدراما ، اخبروني بالله عليكم هل عائد الاعلانات والاتصالات يغطي تكاليف انتاج مسلسل واحد تدفع احدى الفضائيات مقابل عرضه على شاشتها الغراء ، هل تعلموا كم هو مكلف ثمن التردد على القمر نايل سات وثمن الحصول على استديو بث من مدينة الانتاج الاعلامي ، وتكاليف انشاء الديكورات واجور المعدين والمخرجين ، فضلا عن الملايين التي يحصل عليها كل نجم من نجوم التوك شو مقابل العبث في عقولكم .
اتحدى ان تعلن اي قناة فضائية بكل شفافية الكلفه الحقيقة لعرض اي برنامج توك شو وعائد هذا البرنامج من الاعلانات والاتصالات ، ونفس الشيء بالنسبة للمسلسلات ، وجاء الوقت لتسألوا انفسكم من يمول هذا الفارق وما هي اهدافه .
من الذي يدفع لتريكم غادة عبد الرازق مفاتنها ، من الذي يدفع لتستعرض سما المصري امامكم بذاءتها وهي الخدمة الوحيدة المجانية في عالم السيسي ، من الذي يدفع ليقتل فيكم الشهامة والنخوة ، من الذي يدفع ليحارب الدين .
انهم ببساطة الهشتاجيون
ومكر الله ادهى وأمر

حسام الغمري


الهاشتاج فيه سم قاتل



من يقرأ مُذكرات قادة حرب 73 العظام كالشاذلي والجمسي يُدرك ان افراد وضباط القوات المسلحة بعد حقيقة يونيو 67 – ولا اسميها نكسة – لانها كشفت حقيقة الحقبه الناصرية ، وكانت نتيجة منطقية لها وليست انتكاسة نهضة حقيقية كان يدعيها اعلامها ، فكان ضباط الجيش بعدها يهربون من المجتمع المدني الذي امطرهم بالتعليقات الساخرة والنكات بسبب انسحابهم المخزي من سيناء ، وكانوا يتمنون اللحظة التي يتمكنون فيها من العبور كي يصححوا الصورة السلبية التي كونها عنهم الشعب وبلورها بنكاته اللاذعة لدرجة ان الضباط كانوا يغادرون ثكناتهم باللباس المدني حال خروجهم لقضاء اجازاتهم المعتادة اخفاء لهويتهم العسكرية وما أشبه الليلة بالبارحة .

وبعد سنوات استطاعت آلة السادات الاعلامية ، واقواها على الاطلاق فصاحته واداءه الصوتي المُعبر اثناء خطاباته من تضخيم معركة 73 ، وتصوير انجاز القوات المسلحة بالانجاز المُبهر المعجز حتى صار لنا درع وسيف بوصف السادات ، ولست هنا بصدد التقليل مما حدث في 73 حتى تدخل السادات بقراره المُريب لتطوير الهجوم شرقا بحجة تخفيف الضغط عن دمشق مما اخل بخطة الشاذلي العسكرية وأخل بالتوازن العسكري على جانبي القناة فمهد السادات بقراره العجيب حدوث الثغرة ولست ايضا بصدد المبالغة في تضخيم ما حدث ، ولكن تتجلي الريبة عندي بسبب اليوم الذي اختاره السادات للحديث عن الانتصار بعد صمت طويل والذي هو نفس اليوم الذي اختارته جولدا مائير لتخبر العالم ان الاسرائيليين يقاتلون في افريقيا لأول مرة ، اي ان السادات اختار يوما للتباهي ستتغير بعده مباشرة دفه القتال ضد جيشه ، وكأنه كان يعلم مسبقا السيناريو المعد للتسويق عربيا وعالميا !!!
المهم ان اعلام السادات ضخم بشكل مبالغ فيه معركة اكتوبر لصالح ضباطه المقربين ، فاستعادت القوات المسلحة مكانتها في قلوب المجتمع المدني وكفت الالسنة عنها ، بل انبرى الشعراء والمطربين في تمجيدها ولحقتهم السينما بأفلام مازالت اذكرها لاني من الجيل الذي نشأ ينتظر اللحظة التي يعرض فيها التلفاز احداها ، ولكني عندما كبرت ادركت رداءه مستواها الفني وابتعادها كثيرا عن الحقائق التاريخية والعسكرية . 
وطوال حكم مبارك استطاع ابو غزاله بشخصيته التي توحي بالنُبل ان يحتفظ للجيش بنفس المكانه في قلوب المصريين ، اما طنطاوي - الذي ربما يكشف التاريخ القريب الكثير عن ادوار هذا الداهية الماكر الذي خدعنا جميعا – اسطتاع ان يبعد الجيش تماما عن مخيلتنا ولا أقول فقط السنتنا ، فكنا نلعن كل شيء في نظام مبارك الا الجيش الذي لم نذكره الا يوم جمعة الغضب ، وبعد التحية العسكرية التي اداها احد اعضاء المجلس العسكري للشهيد دمعت اعيننا من فرط المشاعر التي تدفقت فجأة مستعيدة ذكريات حب قديم لهذا الجيش ، واعترف اني ممن خدعوا في المشير طنطاوي رغم سابق تجنيدي في ذلك الجيش ورصدي للكثير والكثير بداخله واحتفظ بما رصدت لنفسي حرصا وحبا واحتراما لفكرة وجود جيش لنا سيحارب من اجل هويتنا وكرامتنا وحقوقا ذات يوم دون شك بعد انجلاء الغمة باذن الله ، واعترف اني كتبت في مدح طنطاوي الذي انتصر لارادة المصريين بعد تنحي مبارك مباشرة ، والعجيب ان صديقا كان لدي من اتباع الصليب عاتبني على هذا المقال الذي يمدح طنطاوي واظهر في عتابه كرها كبيرا للجيش حتى قبل حدوث مجزرة ماسبيرو ، ويال العجب العجاب من تحول هؤلاء الذين احتشدوا يوم 30 يونيو لاستدعاء الدبابة التي سحقت رؤسهم في ماسبيرو وغيرها .
ورغم مجازر حكم طنطاوي في محمد محمود وماسبيرو ومجلس الوزراء الا ان هتاف يسقط يسقط حكم العسكر لم ينل تماما من هيبه العسكر وتقدير الشعب لهم حتى استيقظنا على الهاشتاج المسيء للسيسي ، والسرعة الصاروخية التي ميزت التفاعل فيه ، والشهرة العالمية لهذا الهاشتاج ، والتي نالت يقينا من الرجل ، ولعل انصاره الآن يتمنون لقب " الخرفان " لأنفسهم وهم الذين اطلقوه على الاخوان المسلمين لأنه اهون دون شك من لقب " المــ..... " انصار " الــ .... " كما يؤكد الملايين الذين تفاعلوا مع هذا الهاشتاج .
ولست هنا بصدد تقييم هذا الهاشتاج اخلاقيا وان كنت بالفعل لا استخدم هذا اللفظ المسيء في حياتي الخاصة او العامة حبا في عفه اللسان وانا من المتشددين في ذلك بحكم النشأة ، وهي من شيم المسلم الأصيلة دون شك ، ولكني أؤكد انه عمل سياسي شديد القوة والتأثير ولا شك يعكس حنكه من اطلقه ومعرفته الأكيده بالخصائص السيكلوجية للشعب المصري ، ثم جاءت وزارة الداخلية ( بذكائها المعروف عنها ) لتمنح هذا الهاشتاج الذي يستحقه من مجد ، لتمنحه الشرعية الثورية حين اعلنت انها تتعقب المشاركين فيه !!!!
ولعل قوة هذا الهاشتاج ليست فقط في قدرته على النيل من السيسي وانصاره ، بل في رفع معنويات الثوار الاحرار ، واعادة رسم ملامح ثورتهم ، وايضا خفض معنويات الطرف الآخر ، وبالتدريج سيشعر انصار السيسي بالخزي حال اعلانهم عن ذلك ، ولعل الايام التالية حُبلى بالمفاجآت ، فلا احد يمكن ان يتخيل ان يعتلي عرش مصر من اشتهر عالميا بمثل هذا اللقب .
ومكر الله ادهى وأمر

حسام الغمري 

اسرائيل وصدقي صبحي والاعدامات انقاذا للسيسي

تابعت كما تابع العالم كله قرار الاعدام الصادر ضد اكثر من خمسمائة نفس بشرية كرمها الله وخلق الكون كله من اجلها وحملها في البر والبحر ورزقهم من الطيبات وفضلهم سبحانه على كثير ممن خلق تفضيلا .
ولست هنا بصدد قراءة هذا الحكم " دنشوانيا " او التعليق على العوار الفجوري الذي رافق اجراءاته التي تشبه الاجراءات التي تتبع مع الخراف ليلة عيد الاضحى وان كانت الخراف تذبح طاعة لله وامتثالا لأوامره .
ولكني ساحاول قراءة هذا الحكم سياسيا في التوقيت الذي يتردد فيه السيسي طويلا قبل خلع بذته العسكرية وكذلك الزيارات المكوكية لقلب الانقلاب النابض نفثا في ابو ظبي من رمز العسكر ، والازاحة المفاجئة لقائد الجيش الثاني في عز معركتهم المزعومة على الارهاب ، لاتساءل معكم ، هل يرى صانعوا هذا الحكم فيه غير سكبا للزيت على النار التي تفور من الغيظ بسبب تصرفات العسكر الكفتجية الطراز لا المذاق ، هل سيناريو الحرب الاهلية هو طريق النجاه الوحيد للسيسي الذي لا يطمئن قلبه ان يخلع بذته العسكرية ولو لشهر يلزم للوثوب على عرش مصر الوثير الذي يحلم به منذ القدم ، فما الذي يمكن ان يحدث حين يستقيل السيسي ويصبح مدنيا تمهيدا لاعلان ترشحه ؟
تخيلوا مثلا آلاف البلاغات التي يمكن ان تُقدم ضده من اهالي الشهداء يتهمونه فيها بقتل ابناءهم ليس في رابعة أو النهضة فقط بل في كل انحاء مصر المنكوبة من سيناء حتى مطروح ، ومن الاسكندرية حتى اسوان ، هل سيتجاهلها النائب العام امعانا في تشويه صورة الشامخ ام سيأمر في التحقيق فيها واستدعاء المرشح السيسي لسماع اقواله .
تخيلوا ايضا تصعيدا كبيرا في الشارع يُحدثه انصار التحالف الوطني لدعم الحرية والانسانية وارادة الاغلبية  متمثلة  في الشرعية بعد استقالة السيسي من الجيش ، هل سيقبل صدقي صبحي ان يتورط شخصيا في مذابح جديدة من اجل السيسي ام سيكون قراره التخلص من السيسي لنبدأ من جديد على نظافة كما نقول في لغتنا العامية .
ان قرار السيسي ترقية نفسه الى رتبة المشير قبل ان يصبح الرئيس السيسي يعطينا انطباعا هاما حول كينونه الرجل الذي لا يأبى الا الحصول على كل شيء من أي شيء ، وهذا ربما يُرجح التسريبات التي تواترت عن اعلان رغبته الاحتفاظ بمنصب قائد الجيش ورئيس الجمهورية وبالطبع يجد عرابين من النخبة الفاجرة التي تسوق لذلك اسوة بالرسول الذي رأس الامة وقاد الجيش ، ولكن ربما يتساءل صدقي صبحي في نفسه : الم يقوم الرسول  ( ص ) بعقد اللواء لاسامة بن زيد ليقود جيشه المتجه لنزال الروم وهو شابا يافعا ، فلم لا يسمح لي السيسي بقيادة الجيش لانال ترقيتي الطبيعية ؟؟ ام ان الفريق صادق هو آخر رئيس اركان مصري يترقى ليصبح قائدا عاما بعد ان ساعد السادات في الاطاحة بالقائد الصارم الفريق فوزي ؟
هل لا يتساءل باقي قادة المجلس العسكري عن مصيرهم وهم الذين لم يرفضوا قيادة الجيش اثناء حكم مرسي كما فعل اللواء وصفي وهو ايضا من وصف السيسي بكبيرهم ونزهه عن الطمع في الحكم بعد الانقلاب مباشرة في لقاء مع اعلامي اشتهر ببذاءة الفاظه على الهواء مباشرة ، فكان مصيره ازاحة تمت بليل ، ان كان هذا مصير اللواء وصفي فكيف سينتهي مصيرنا ، لعلهم يتساءلون ؟
والآن دعونا نضيف الى هذا كله اسرائيل التي نراها تسمح لجريدتها الاشهر بنشر معلومات عن زيارات قادة مصريين لاسرائيل فيضطر المتحدث الجاذب للنساء الى الاعتراف بذلك مُذيلا اعترافه بان اللقاء لم يكن لاسباب عسكرية - ربما كانوا يلعبون البلاي استيشن - !!!
كما سمحت اسرائيل ايضا لنفس الجريدة بنشر دور اللوبي الصهيوني الضاغط على الادارة الامريكية لتمرير صفقة الاباتشي للجيش المصري ، وكأنها تقول لنا : نعم السيسي رجلنا والجيش تحت قيادته هو جيشنا فماذا انتم فاعلون ؟
لا اعتقد ان هذا صدفة أو سهو من  ابناء العم عليهم لعنة من الله ، والارجح انه ايضا سكب للزيت فوق النار لان قيام حرب اهلية وتفكك الدولة المصرية هو هدفهم النهائي قبل قيام اسرائيل الكبرى بعد ان ييأس العرب من حكم انفسهم بانفسهم كما يخبرنا البروتوكول الخامس عشر من بروتوكولات حكماء صهيون ، ولا ارى في نيل باسم يوسف من السيسي والذي سيتصاعد حتما بمجرد خلعه للبذة العسكرية الا دربا  من دروب هذه الخطة ، التي تقتضي احداث تغييرات سريعة ومواليه في انظمة الحكم العربية في مدى اسرئيل الكبرى وتأملوا ما بالعراق وسوريا ولبنان بالتزامن مع ما يحدث في مصر وداها ليبيا .
وهكذا نجد ان الحرب الاهلية هي الحل الامثل لكثير من القوى في الداخل والخارج ومنهم من بات يضيق من فاتورة الانقلاب واطعام واكساء وانارة الشعب المصري وكانوا قد وعدوا " باقتسام اللقمة " بمجرد اسقاط الاخوان ، ولكن المشاعر تتغير بالطبع عند دفع الفواتير .
وتبقى العقبة الوحيدة امام هذه الخطة الشيطانية هي الاستخدام المفرط للسلمية من انصار الديمقراطية والحرية والديمقراطية ، ولعل الشامخ باعداماته هو وسيلتهم الاخيرة لاجبار الاحرار على التخلص من سلميتهم بعد فشل استفزازات آباء الكنيسة الارثوذكسية المتكرره .
والله خير الماكرين

حسام الغمري