الخميس، 3 أبريل 2014

الهاشتاجيون ... من يكونوا ؟



بعدما صار الهاشتاج المُسيء للسيسي امرا واقعا تُقره ارادة ملايين البشر الذين يتفاعلون يوميا مع هذا الهاشتاج ، فدعونا نتفق على وصف الثابتون على دعم السيسي رغم كل ما كان وما يتوقع ان يكون ، رغم دماء الطالب والشرطي ، رغم انتهاك عرض الفتاة والشاب ، دعونا نصفهم بالهشتاجيين .
ولكي نتعرف على هؤلاء الناس دعونا نبحر قليلا صوب الماضي ونتوقف عند حقيقة 5 يونيو 67 التي كشفت نكسة الأمة في عسكرها لنجد ان الهزيمة المدوية قسمت المجتمع الى قسمين ، قسم رفض الهزيمة واعلن اصراره الصمود و الحرب لتحرير الارض ، هذا القسم استحضر الدين الذي حاول عبد الناصر واجهزته تغييبه ، فعاد الحجاب الى الظهور في شوارع مصر ، وكلنا شاهدنا صور امهاتنا في فترة الستينات وادركنا حجم وملامح التغرييب التي كانت تعكسها ملابسهن في تلك الحقبة الضاله ، اما القسم الآخر من المجتمع فنالت منه هذه الهزية النكراء ، وافزعته الفجوة الحضارية والتكنولوجية بيننا وبين الغرب ، فقرر التماهي مع قشور الثقافة الغربية كحيلة من حيل الدفاع عن النفس واحتواء قسوة الهزيمة ، فاصبح يحيي ليسمتع وليمكن اولاده من ثروات البلاد ليجنبهم اي ألم قد يحدثه الزود عن المقدسات بانكارها او في اقل تقدير تجاهل ندائها ، ولعلنا نعلم ان وزير الخارجية المصري نبيل فهمي ليس الا احد الشباب الذين ساعدهم آباؤهم ذوي النفوذ في الهروب من الخدمة في جيش مصر المنكوس ، ومثله بالطبع الكثيرون .
حرب أكتوبر لم تستطع ان تشفي جراح 67 ، بل دعونا نقول انها ساهمت في دفع البعض دفعا الى السأم من فكرة تحقيق انتصار جاد على اليهود ، فها هي البلد التي منعت اي صوت من ان يعلوا فوق صوت المعركة وبعد ست سنوات كاملة من الصبر وتحمل المعاناة ترتمي في احضان امريكا وتستقبل الزعماء الصهاينة بحفاوة بالغة ودماء الشهداء مازلت تستصرخ فينا همة الكر من جديد كل ذلك كي تستعيد الارض بسيادة منقوصة .
استطاع السادات ان يستثمر هذا الشعور ببراعة ، ولعله جاء الى حكم مصر ليفعل بها هذا ، وظن قطاع واسع من المصريين انهم بصلح اليهود سيلتقطون انفاساهم وينهضوا بوطنهم ويرتقوا بالخدمات التي يمكن ان يحصلوا عليها كمواطنين وعدوا بالرخاء من بطل الحرب والسلام ، وجاء الانفتاح الاقتصادي المفاجيء ليمنح هؤلاء القاعدين عن الحرب فرصة تحقيق احلامهم المادية في الدنيا التي ابتغوها اكثر من اي قيمة روحية او دينية .
وكي يستطيع السادات اقناع اليهود بسلامه كان يتحتم عليه ان يبث في نفوسهم طمأنية بخصوص مستقبل الحكم في مصر ، فاختار اللواء الذي الغى الضربة الجوية الثانية بقرار منفرد ليحدث ما اُطلق عليه مذبحة الهليكوبتر التي كان من المفترض ان تنقل القوات الخاصة الى منطقة المضايق تحت حماية الضربة الجوية المُلغاه خلف خطوط العدو ، وليموت الآلاف من الجنود والضباط قبل ان يتمكنوا من الوصول الى النقطة التي كانت ستسقط تل ابيب عسكريا حال تمكنهم من الوصول اليها ، ولعل قرار السادات الغريب بتطوير الهجوم بعد ذلك للوصول الى منطقة المضايق المحمية طبيعيا يفسر اهمية هذا الخط عسكريا ، وكنا سنصل اليه في ساعات الحرب الاولى لولا حسني مبارك ، فابحثوا عن حقائق التاريخ لعلكم تُرحمون .
ودعوني اوجه دعوة الى كل من يشكك في هذه السطور ان يسأل نفسه ، لماذا تم اختيار مبارك ليكون نائبا لرئيس الجمهورية دون غيره من القادة الافذاذ الذين اذهلوا العالم مثل الشاذلي والجمسي وفهمي وغيرهم ، لماذا مبارك الذي تآمر على كل ما هو عربي ومسلم طوال ثلاثين عاما تلت من حكمه ، وها هي بغداد المكلومه باقية لتحكي مراره تآمره القديم .
اخبرني لواء سابق في مباحث امن الدولة ذات يوم انهم حين كان يُطلب منهم التحري عن 50 شخصية مثلا مرشحة لتولي حقيبة وزارية كان الضباط يراهنون انفسهم ان الاكثر فسادا وفق ما تضمنه التقارير التي اعدوها هو من سيؤدي القسم امام فخامة الرئيس مبارك ، ودائما يُشترط لتولي منصبا عاما في مصر ان يكون في حوزة  مباحث امن الدولة ما يدينك من مستندات او فيديوهات ، وان كان السادات قد تولي حكم مصر وتوجيهه الاستراتيجي فتح قناة السويس والاعتراف باسرائيل وتحقيق السلام معها ، فان توجيه مبارك الاستراتيجي - كان وفق اعتقادي – فقط اختر لهم الاسوأ .
ولتسألوا ضباط الجيش الكبار من اقاربكم عن اداء المشير طنطاوي اثناء قيادته لكتيبة المشاه 16 في حرب اكتوبر ، سلوهم علهم يجيبون .
ثم حدث الزواج والنسب طوال ثلاثين عاما من حكم مبارك بين ابناء وبنات الطبقة الاولى طبقة رجال الاعمال الانفتاحيين الذين ولدوا نفسيا من رحم هزيمة يونيو ، وطبقة كبار رجال الدولة الذين عينهم مبارك وفق محددات الفساد اللاديني واللاخلاقي كما شرح لي لواء امن الدولة السابق ، ثلاثون عاما جعلت هذه الطبقة سميكة ذات اشعاع بغيض يؤثر على صغار الموظفين ويمتد تأثيرها للبلهاء من عامة الشعب ، بابهارهم برغد العيش البادي عليهم فضلا عن النفوذ الكبير الذين تمتعوا به في دولة اللاقانون المباركية ولعلهم كانوا يستعيدون داخل نفوسهم الضعيفة الحكاية القديمة مُرددين " يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون انه لذو حظ عظيم " .
 وليس قيام العسكر باطلاق صراح رموز دولة مبارك " قضائيا " بعد انقلابهم علي مشروعها للتوريث ، الا انعكاسا لمدى ترابط هذه الطبقة وتماسكها عائليا وايضا ايدولوجيا .
ولا شك ان كنيسة الصليب في مصر كانت تراقب ذلك طول الوقت وتحرك بعض الخيوط من خلف الستار لتحقيق حلمهم القديم باستعادة مصر التي سلبها منهم الاسلام – كما يروجون - .
هذه الطبقة بتحالفاتها الصليبية تؤمن بأن السلام مع اسرائيل هو الضامن الوحيد لسلامة مليارتهم المتدفقه من ثروات مصر الى بنوك اوروبا وامريكا وكلاهما تأتمران بأمر اسرائيل وتتحركان وفق اجندتها ، هذه طبقة ايضا تؤمن ان الاسلام الصحيح هو وحده الذي يمكن ان يُزلزل عروشهم المالية والسياسية ، فالاسلام لا يقبل الضيم او التنازل عن المقدسات ، فالاسلام هو تسليم لارادة الله وحده وحاكميته على الارض ، وهو ايضا الرسالة ذات البريق الدائم الملهم القادر على استقطاب الانصار حتى من قلب اوروبا وامريكا لاتصاله بالارواح ذات الشئون العلوية المتجرده من دونيتهم الارضية المرتمية في حضن الشهوات ، لذا فحربه بالنسبة اليهم باهمية الخزانة الحديدية القديمة في حفظ الثروات .
لا شك ان اسرائيل تابعت آلاف المصريين وهم يسقطون علمها المرفرف فوق ضفاف النيل بمجرد سقوط شرطة مبارك في عام 2011، وبعد اول عمل استفزازي قامت به على الحدود ، بالطبع اسرائيل تابعت ذلك فتيقنت ان عقود طمس الهوية لم تؤت اؤكلها تماما ، وان حرية المصريين تعني بالضرورة مواجهتهم مباشرة في حرب لا يفضلونها لانهم ارادوا لنا الموت البطيء الذي لا يكلفهم سوى فاتورة كهرباء غرف التآمر العربية ، وفاتورة بعض العملاء من زعماء وعسكر واعلاميين ، لذا لم اندهش من خبر افتتاج اول ناد للعراة في مصر المكلومة ، ولا اندهش من مساحة الاباحية المتزايدة في الدراما المصرية ، وكم الملايين التي تدفع في بضاعة لا تُدر ربحا ماديا ، ولتخبروني بالله عليكم كيف تراجع انتاج كل شيء في مصر بعد انتفاضة يناير الا انتاج الدراما ، اخبروني بالله عليكم هل عائد الاعلانات والاتصالات يغطي تكاليف انتاج مسلسل واحد تدفع احدى الفضائيات مقابل عرضه على شاشتها الغراء ، هل تعلموا كم هو مكلف ثمن التردد على القمر نايل سات وثمن الحصول على استديو بث من مدينة الانتاج الاعلامي ، وتكاليف انشاء الديكورات واجور المعدين والمخرجين ، فضلا عن الملايين التي يحصل عليها كل نجم من نجوم التوك شو مقابل العبث في عقولكم .
اتحدى ان تعلن اي قناة فضائية بكل شفافية الكلفه الحقيقة لعرض اي برنامج توك شو وعائد هذا البرنامج من الاعلانات والاتصالات ، ونفس الشيء بالنسبة للمسلسلات ، وجاء الوقت لتسألوا انفسكم من يمول هذا الفارق وما هي اهدافه .
من الذي يدفع لتريكم غادة عبد الرازق مفاتنها ، من الذي يدفع لتستعرض سما المصري امامكم بذاءتها وهي الخدمة الوحيدة المجانية في عالم السيسي ، من الذي يدفع ليقتل فيكم الشهامة والنخوة ، من الذي يدفع ليحارب الدين .
انهم ببساطة الهشتاجيون
ومكر الله ادهى وأمر

حسام الغمري


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق