هل كان يعتقد أكثر المتشائمين في صباح يوم 12
فبراير عام 2011 ان تصبح كلمتا " الرصاص الحي " هما الأشهر على لسان
وزير الداخلية المصري في مواجهة متظاهرين سلميين
هل كان يتوقع ان يتابع عبر الشاشات مجزرة
وصفها بابا روما انها ضد الانسانية في الوقت الذي علق عليها بابا الأسكندرية في
تغريدته قائلا : انها منحته الأمل
هل كان يتوقع أن يرى مشاهد انتهاك الفتيات
والسيدات تملأ مواقع التواصل الاجتماعي .
هل كان يتخيل ان ترتبط حقوق الانسان في مصر بان
يقر المواطن طوعا أو كرها ان نساءه حُبلى بنجم وزير دفاعه المُفدى .
هل وهل وهل .. مئات المشاهد العبثية على
الطراز الفاهيتي رأيناها تحدث في بلد ثارت ضد قمع نظام جثم على صدور الشعب لسته
عقود ، نظام غير وجه الحياة فيها الى الأبشع ، ويكفى فقط ان نتذكر ان نظام التعليم
في العهد الملكي انجب عالمة ذرة " أنثى " هي سميرة موسى التي لقبت بمس
كوري الشرق ، و كانت أول معيدة أنثى في كلية العلوم جامعة فؤاد الأول ، والتي قضت
نحبها في حادثه غامضة وهي في الخامسة والثلاثين من عمرها بعدما رفضت عرضا بالبقاء
في أميركا ، وبعد ان قالت في رسالتها الأخيرة لمصر : " لقد استطعت
أن أزور المعامل الذرية في أمريكا وعندما أعود إلي مصر سأقدم لبلادي خدمات جليلة
في هذا الميدان وسأستطيع أن أخدم قضية السلام » ، حيث كانت تنوي إنشاء معمل خاص
لها في منطقة الهرم بمحافظة الجيزة والدلائل تشير - طبقا للمراقبين - أن المخابرات
الإسرائيلية هي التي اغتالتها في أغسطس 1952 ، جزاء لمحاولتها نقل العلم النووي
إلي مصر والوطن العربي في تلك الفترة المبكرة .
بينما شاهدنا جميعا كيف افرز نظام التعليم
بعد سته عقود من حكم العسكر نساء ترقص بفجاجه امام لجان الاستفتاء تلبية لدعوة من
وزير الدفاع المُفدى ، والأرض مخضبه بدماء الشهداء !!!
بالطبع لم يكن يتوقع أحد عودة هذا النظام
لينتقم ، لم يكن يتوقع احد أن وزارة الداخلية تخرج من تجربة يناير بفكرة ان مزيد
من القمع هو الذي سيمنع تكرار ما حدث ، وليس مزيدا من احترم حقوق الانسان .
ولكن
وقد حدث ذلك كله ، ما هي ملامح المستقبل ؟
هل يمكن ان يخضع جيل جديد تشكلت ملامحه بمناخ
الحريات التي اعقبت ثورة يناير ، فالصبي الذي كان يبلغ خمسه عشر عاما في يناير
2011 ، صار اليوم شابا جامعيا يافعا جرب ان يعتز مره بمصريته ؟
هل يمكن أن يتنازل ثوار يناير الاصليين عن
حلمهم الذي قدموا من اجله الشهداء وثاروا حتى اجبروا مبارك غليظ القلب ان يترحم
عليهم في خطابه الأخير محاولا استرضاء الشباب ، هل يتنازلوا بينما مازالت الفتوة
تُزين سواعدهم ؟
هل يستسلم الاسلاميين وقد اثخنوا قتلا
وتعذيبا وانتهاكا لحرماتهم وتحرشا بنسائهم وتجميدا لاموالهم ، وتسفيها لحلمهم ،
وتشويها لهويتهم .
لا أظن ، والواقع ان تغييرا حقيقيا حدث في
تركيبه الشباب الذين يشكلون غالبية السكان فوق هذه الأرض المكلومه ، ساهم في صنعه
التطور التكنولجي الهائل وانعكاساته المعرفية عليهم ، فما عاد الاعلام المصري
الداعر يستطيع ان يشكل وجدان هؤلاء الشباب الذي جاء عزوفهم عن الاستفتاء
الكاريكاتيري دليلا على ذلك
ويأتي التصريح الأخير للسيسي اشبه باعلان حرب
على رافضيه من هذا الشعب ، فما معنى ان يقول ان نهاية الجيش والشرطة تسبق نهاية
المصريين ، وليته يعرف لنا المصري وفق مفهومه ، هل هو ذلك الذي تحبل نساءه بنجمه ؟
هل هو الذي يبتهل له مناشدا عطفه بأن " كمل جميلك " وترأس رسميا هذه
الدولة ، من هم المصريين الذين تعنيهم يا قائد الجيش ؟ المسبحون بحمدك لانك تآمرت
على أول رئيس مدني منتخب بعد سبعة آلاف سنه ، بل لأنك تآمرت على ثورة قدمنا فيها
أطهر النفوس ، هل هو المصري الذي يرحب بمكالماتك المطولة مع مرشدك الأعلى تشاك
هيجل ، أم هذا الاحتفاء الكبير بك في الكيان الصهيوني الغاصب ؟ هل الذي يدير وجهه
عن أبشع مذبحة حدثت في شوارع القاهرة برصاص محرم دوليا خلف آلاف الصور التي ما
شاهدنا لها مثيلا حتى ايام حكم النازي والفاشي ؟ أم هو فقط من يتلقى أوامره من
كاتدرائية العباسية .
بالتأكيد ملايين الوطنيين ليسوا من هؤلاء ،
وبالتالي وفق تصريحك ، هم في انتظار رصاصك الحي الذي لا يلبث وزير داخليتك أن يلوح
به .
ولكن تجربة الشهور الأخيرة اثبتت ان كل رصاصة
تُطلق يعقبها خروج المزيد من رافضي حكمك الجبري ، والتاريخ يُخبر ايضا ان اقوى
الآلات العسكرية لم تنجح في قمع ارادة حره لشعب ، ولك ان تسل مرشدك الأعلى هيجل عن
ما يواجهه هو و حلفه في افغانستان منذ العام 2001 و ما واجهه في العراق وأي نصر
حققوه .
ربما تتراجع عن فرض هذه المعادلة الصفرية ، وهذا
الرهان المُر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق