من منا لم يحلم بالبدلة العسكرية وهو طفل صغير ، ثم ألح
على والده ان يشتريها له مع بندقية صغيرة تصدر اصواتا كطلقات الرصاص تساعده على
تخيل نفسه قد كبر واصبح ضابطا في الجيش المصري بملامح قريبة من ملامح الفنان محمود
يس الذي بقيت الرصاصة في جيبه ، ثم يتخذ من المقاعد في المنزل أو المنطقة الآمنه دائما
تحت السرير ساحة قتال مصوبا طلقاته صوب جيش الاعداء تمهيدا لتحرير فلسطين التي
اغتصبها اليهود بسبب صفقة الاسلحة الفاسدة التي جاء بها الملك فاروق الخائن السكير
زير النساء كما اشاعوا عنه في طفولتنا .
ولكننا عندما كبرنا اكتشفنا ان فلسطين كاملة وفيها بيت المقدس لم تغتصب كاملة
الا في العام 1967 ، اي بعد خمسة عشر عاما من البيان الذي القاه السادات في
الاذاعة المصرية في صباح 23 يوليو 1952 والذي قال فيه : اجتازت مصر فترة عصيبة فى تاريخها الأخير من الرشوة والفساد وعدم
استقرار الحكم وقد كان لكل هذه العوامل تأثير كبير على الجيش وتسبب المرتشون
المغرضون فى هزيمتنا فى حرب فلسطين وأما
فترة ما بعد هذه الحرب فقد تضافرت فيها عوامل الفساد وتآمر الخونة على الجيش وتولى
أمرهم إما جاهل أو خائن أو فاسد حتى تصبح مصر بلا جيش يحميها وعلى ذلك فقد قمنا بتطهير
أنفسنا وتولى أمرنا فى داخل الجيش رجال نثق فى قدرتهم وفى خلقهم وفى وطنيتهم .....
فما السبب اذن الذي جعل هذا الجيش يتلقى هزيمة مُذلة
جعلت اسرائيل تتمدد لتصل الى قناة السويس جنوبا ، ومرتفعات الجولان شمالا ، والقدس
والضفة الغربية غربا رغم ان هذا الجيش طهر نفسه بنفسه كما جاء في بيان الذي السادات
، هكذا سألت نفسي ، ثم اجبت عليها بالاجابة الناصرية التقليدية : انها المؤامرة
الامبريالية وقوى الاستعمار الغربية تآمرت على هذا الجيش الذي طهر نفسه بنفسه
وتولى امره رجالا يثق في وطنيتهم ولولا هذه المؤامره لكان عبد الناصر قد القى
باسرائيل في البحر في الستينات .
لا بأس – هكذا قلت لنفسي – الحرب يومان يوم لنا ويوم
علينا ، وبالتأكيد اننا سحقناهم – على الطريقة الزمرية – في حرب 73 .
بحثت في كل المراجع العسكرية المُتاحه وكتب المذكرات
للقادة العسكريين المصريين واليهود وتأكدت فعلا اننا صنعنا ملحمة عبور رائعة حتى
يوم 9 أكتوبر ، ثم بعد قرار مريب بتطوير الهجوم حدثت ثغرة عسكرية جعلت الضفة
الغربية للقناة مكشوفه ومن خلفها القاهرة العاصمة ولم يتردد شارون في تنفيذ خطة
اعدها مسبقا للعبور الى الغرب وانتهى الامر بحصار الجيش الثالث الميداني حصارا
كاملا ، وبعد شعار الترفع عن دور الوسيط الذي رفعه السادات تفاوضنا مع اليهود وجها
لوجه للمره الأولى في الكيلو 101 من تل
ابيب – عفوا – الكيلو 101 من القاهرة ، لم نتفاوض على انسحاب اليهود من القدس أو
حتى سيناء ، بل على تمرير الغذاء والماء للجنود والضباط المحاصرين ، وكانت دموع
اللواء الجمسي التي ذكرها في مذكراته بعد خروجه من الخيمة مكان اول لقاء تفاوضي مع
اليهود خير تقييم لنتائج حرب اكتوبر .
ولولا سليمان خاطر وأحمد حسن وكلاهما من ابناء محافظتي الشرقية
لقلنا ان الجيش المصري لم يطلق رصاصة واحده على الجيش الاسرائيلي الذي تربينا على انه
جيش العدو منذ عام 73 ، وبالطبع ما فعلاه كان بمبادرة شخصية منهما وقد قتل الاول
في سجنه ، وحكم على الثاني بالمؤبد .
فاين ذهبت رصاصات جيشنا الذي قال السادات في نهاية بيانه
معلقا على تحرك الجيش ضد الملك فاروق : ولابد أن مصر كلها ستلقى هذا الخبر بالابتهاج
والترحيب .
الحق اقول لكم ليست مصر كلها هي التي تلقت هذا الخبر
بالابتهاج والترحيب كما قال البيان الممهر بتوقيع اللواء محمد نجيب ، فالملك فاروق
كانت له شعبيه لا بأس بها وطبقة من الأمراء و الاقطاعيين ينتفعون بنظامه ، كمان ان
التاريخ اثبت ان المظاهرات التي خرجت تأييدا لانقلاب الجيش عام 52 سيرها الاخوان ،
لا تندهش ، نعم الاخوان وقد اقسم امامهم عبد الناصر على المصحف أن يطبق الشريعة
فتحالوا معه ضد الملك فاروق ، قبل ان ينقلب عليهم ولا عجب ، فلقد انقلب هذا الجيش
على اللواء محمد نجيب الذي تزيل بتوقيعه البيان الأول .
جيش مصر العظيم كانت له استخدامات أخرى بعد حرب 73 التي
اعلنها السادات من جانب واحد ، آخر الحروب .
ففي عام 1977 استخدم لقمع انتفاضة شعبية بسبب غلاء
الاسعار سماها السادات انتفاضه الحرامية لتشويهها ( في عصر قبل اكتشاف كلمة
الارهاب )
وفي عام 1986 استخدم لمواجهه تمرد جنود الأمن المركزي
وفي عام 1991 وبعدما أمن قناة السويس لعبور البوارج
الاميريكية شارك ووفر الغطاء السياسي للقوات الاميركية لتدمير جيش العراق الذي دخل
الكويت التي كان حاكمها يأخذ راتبه من أمير البصرة حتى عام 1920 قبل ان يفصلها
تماما المحتل البريطاني ليحرم العراق من سواحل كبيره تطل على الخليج .
وفي عام 2003 سمح هذا الجيش للبوارج الاميركية العبور مرة
أخرى لاحتلال العراق في الوقت الذي رفض فيه البرلمان التركي المنتخب ديمقرطيا ان
تستخدم الاراضي التركية في أي اعمال عسكرية ضد العراق المسلم فجاء غزو العراق من
الجنوب فقط !!
ثم كانت الانتفاضة الشعبية المصرية في عام 2011 وانتصر
الجيش المصري العظيم لارادة الشعب وحما الثورة حتى ازاح مشروع ثوريث جمال مبارك ،
وآدى التحيه العسكرية لارواح الشهداء في لقطة حركت بالفعل دموعي كثيرا ، ثم قام
بعدها هذا الجيش بعمل كشوف عذرية للفتيات هذا الشعب الذي حمى ثورته ، قبل ان تصبح
كلمة شهيد في مصر اقرب الى الأذن من تحية الصباح ، فقتل المصريين في محمد محمود
ومجلس الوزراء واستاد بورسعيد والعباسية .
اما ما حدث بعد يوليو 2013 ، فساكتفي بالتعليق عليه بذكر
عدد القتلى من جيش الدفاع الاسرائيلي على مدار الثلاث سنوات هي عمر حرب الاستنزاف
، 800 قتيل ، نعم 800 قتيل من جيش العدو قتلهم جيشنا الباسل من اليهود عبر ثلاث
سنوات هي عمر حرب الاستنزاف ، جيشنا افنى ضعف هذا العدد أو يزيد في أحد عشر ساعة
اثناء فض اعتصام رابعة السلمي .
وأخيرا تبقى ذكريات حلمي القديم أن ارتدى البزة العسكرية
المهيبة ، واسير بين الناس في عزة وفخار متباهيا بالشرف العسكري ، بشرط الا اقول
ابدا كما قال احد اللواءات بعد الثورة : عرقنا موش هنسيبه لحد !!
اثناء حوار تناول ميزانية واستثمارات المؤسسة العسكرية
المصرية العريقة
عاشت مصر عاش الجيش ( على الطريقة المسلمانية )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق