السبت، 25 يناير 2014

توازن الرعب والثورة المصرية

عنوان غريب في كتاب العلاقات السياسية الدولية الذي تم تدريسه لنا في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية لازلت اذكره بعد مضي أكثر من عقدين من الزمان ، وكان هذا العنوان يقول : الصاروخ الروسي في المعترك الدولي .
وكان هذا المبحث يتحدث كيف ان الولايات المتحدة تعمدت ان تنهي الحرب ضد اليابان باستخدام السلاح الذري ليس لحاجتها الماسة الى استخدامه ضد قوات اليابان التي كانت على وشك هزيمة تقليدية مؤكده ، ولكن كي ترسل رسالة الى منافسيها في الحلف الذي انتصر معها انها باتت القوة الوحيدة العظمى في هذا العالم ، ورغم ان التفجير السوفيتي لأول قنبلة ذرية لم يتأخر سوى اربعة اعوام 1949 الا ان العالم ظل احادي القطبية لأنه كان من المعروف ان سلاح الجو الاميركي اكثر تطورا من نظيره السوفيتي بمعنى ان القاذفات الاميركية تستطيع ان تحمل القنابل الذرية الى داخل الاراضي السوفيتية بينما لا تستطيع مثيلاتها السوفيتية الوصول الى الاراضي الاميركية ، وبالتالي آمن الاميركان من القنبلة التي فجرها السوفيت عام 1949 حتى استيقظت اميركا في احد ايام العام 1957 على خبر وصول اول صاروخ سوفيتي الى الفضاء يحمل قمرا صناعيا ، فصار بديهيا ان الصاروخ الذي يحمل قمرا صناعيا الى الفضاء يستطيع دون شك ان يحمل قنبلة ذرية الى واشنطون ، وهنا بدأ ما يسمى توازن الرعب وهذا التوازن وحده هو الذي منع قيام حرب نووية بينهما وهو الذي حقن الدماء .
اضطررت الى ذكر هذه المقدمة الطويلة التي اضعها امام الثوار كي اذكرهم بطبيعة الانسان حين تختل قيمه وتنهار مبادئه ويضيع دينه فلا يستخدم العنف الا ضد من يأمن رد فعلهم المضاد ، فلعل السيسي عقب حين سمع د. محمد بديع يقول : سلميتنا اقوى من الرصاص قائلا : بارك الله فيك .. هذا تماما ما نحتاجه ، فلتتمسك انت بالسلمية ودع لنا الرصاص .
ولا يظن احد اني اوجه دعوة لاستخدام العنف ، فهذا ليس موقعي ومكاني ، ولكني فقط ارسم ملامح المرحلة التي لا يعنيني فيها سوى دماء الثوار من الشباب التي تؤلمني ألما بات فوق احتمالي ، وهم اطهر وانقى واصلب واشجع من انجبت مصر ، وخصمهم اوهن من جناح بعوضه لولا مدرعاته في مقابل حناجرهم ، ورصاصاته في مقابل صدورهم العارية .
ولن يتوقف القتل فيكم ايها الشباب الطاهر مادام عدو الله وعدوكم يأمن رد فعلكم ، واكرر هذه ليست دعوى لاستخدام الرصاص فهذا ليس دوري ، ولكنها دعوة للبحث عن طريقة لاحداث توازن للرعب ، فيتوقف ، فاليهود حلفاء جيشنا الباسل والذين اعلنوا صراحة انهم اتخذوه شريكا استراتيجيا لا يطلقون سراح اسرى الا حين يختطف منهم اسير ، ولا يوقفون حربا على غزة الا حين يصاب مواطنيها بالهلع حين تدوى صفارات الانذار في مدنهم معلنة اقتراب صاروخ حمساوي .
الشعب اثبت ان رغبته في التحرر والقصاص رغبة اكيده ، ولكن قادة الاخوان المسلمين وهم عصب الحراك الشعبي وعموده الفقري لاعب شطرنج بطيء يخسر دائما في الوقت ، فاعتصام رابعة الذي استمر 48 يوما انتهى ورابعة قد تحولت الى قاعة افراح كبيرة تعلن الزيجات الميمونة من على منصتها على مدار الساعة ، ومنها ايضا تخرج مسيرات باتت اشبه بالزفة الشعبية ، فتجرأ السيسي على فضها بعد ان أمن منها تماما ، ومن بعد الفض استمر الحراك الشعبي في مسيرات محفوظة يختار السيسي الموعد والمكان الذي يناسبه لفضها ، ليحتفل بعدها مع شعبه نور عنيه .
استطيع ان اتفهم التركيبة النفسية للقائد الاخواني الذي عاش عقود تحت القمع والاعتقال – ولله درهم لا ازايد علي احد – كيف يشعر بنشوة الانتصار حين يشاهد على قناة الجزيرة سلسلة بشرية تخرج سلميا للتتحدى حكم العسكر في العلن ، وعلى هذا القائد لم اعد اعول ، لانهم ببساطة الوجه الآخر المسلم في عصر مبارك الذي جرف العقول ، فلا خيال ولا ابتكار ولا جرأة كجرأة الامام علي في اقتحام حصون اليهود .
والله غالب على امره ، ولكن اكثر الناس لا يعلمون 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق